सियानत इन्सान
صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان
प्रकाशक
المطبعة السلفية
संस्करण
الثالثة
प्रकाशक स्थान
ومكتبتها
शैलियों
दर्शनशास्त्र और धर्म
أقول: هذا الكلام بعمومه فاسد، فإن المؤمنين يقولون أكلنا وشربنا وباشرنا أزواجنا وصلينا وصمنا وحججنا، ففي كل من هذه الأقوال إسناد شيء لغير الله تعالى، ولا يصح حمله على المجاز العقلي فضلًا عن الوجوب.
وتحقيق القول في ذلك الباب أنا لا ننكر المجاز العقلي، ولكن لابد هناك من التفصيل، وهو أنه إذا وجد في كلام المؤمنين إسناد شيء مما يقدر عليه العبد لغير الله تعالى يجب حمله على الحقيقة، ولا يصح حمله على المجاز العقلي كما في الأمثلة المذكورة، وإذا وجد في كلام المؤمنين إسناد شيء مما لا يقدر عليه إلا الله مثل فلان شفاني وفلان رزقني وفلان وهب لي ولدًا يجب حمله على المجاز العقلي، ولكن لا مطلقًا بل متى لم يصدر من ذلك المتكلم شيء من الألفاظ والأعمال الكفرية مما هو كفر بواح، وشرك قراح، وأما إذا صدر منه شيء من تلك الألفاظ والأعمال فلا يحمل كلامه على المجاز العقلي، إذ المؤمن بهذا اللفظ والعمل قد انسلخ من الإيمان فلم يبق مؤمنًا، فلا وجه لهذا الحمل، ولا ريب في أن عبدة الأنبياء والصالحين يصدر منهم من الألفاظ والأعمال ما هو كفر صريح كالسجدة والطواف والنذر والنحر ونحو ذلك.
على أنا نقول: إذا قال أحد من عبدة الأنبياء والصالحين: يا فلان اشف مريضي فما مراده؟ إن كان المراد الإسناد الحقيقي فلا ارتياب في كونه كفرًا وشركًا، وإن كان المراد الإسناد المجازي بمعنى يا فلان كن سببًا لشفاء مريضي١ أي ادع الله تعالى أن يشفي مريضي، فإن كان ذلك المدعو حيًا حاضرًا فليس هذا من الشرك في شيء، ولكنه لما كان موهمًا للإسناد الحقيقي الذي هو شرك صريح كان حقيقًا بالترك، فإن الله تعالى قد نهانا عن استعمال اللفظ الموهم كما تقدم، وإن كان ذلك المدعو حيًا غير حاضر، أو ميتًا وينادى من مكان بعيد من القبر، فهذا أيضًا شرك، فإن فيه إثبات علم الغيب لغير الله تعالى وهو من الصفات المختصة به تعالى، وإن كان ذلك المدعو ميتًا وينادى عند قبره، فهذا ليس بشرك ولكنه بدعة، فعلى كل حال ينبغي للمؤن أن يجتنب دعاء غير الله، وذلك هو القول الذي لا إفراد فيه ولا تفريط.
١ إن مثل هذا الطلب لا يحتمل المجاز العقلي لا في اللغة ولا في عرف الناس، وطالب الدعاء يصرح به. وكتبه محمد رشيد رضا.
1 / 238