فأرد عليه بشكل راق وأرستقراطي: «أنا في قمة الأسف، يبدو أنني قد ابتلعته.» •••
كانت هناك مضخة مياه بالقبو، وكانت تصدر طرقات عالية منتظمة. لم يكن البيت بعيدا عن نهر فراسر، وكانت أرضه منخفضة قليلا عما حولها؛ لذا كان على هذه المضخة العمل معظم الوقت، في الأجواء الممطرة، لتحول دون غرق القبو تحت الماء. شهر يناير في فانكوفر دائما ملبد بالغيوم وغزير الأمطار، كذلك شهر فبراير الذي يليه. كنت أشعر أنا وهوجو بالاكتئاب؛ مما يجعلني أنام كثيرا، على العكس من هوجو الذي لم يكن يستطيع النوم، كان يدعي أن صوت المضخة هو ما يجعله مستيقظا طوال الليل، ويمنعه من العمل طوال النهار. كانت ضوضاء المضخة تحل محل صوت عزف دوتي على البيانو، وهو ما أثار حنقه وأغاظه على نحو أكبر؛ ليس فقط بسبب صوتها المزعج، ولكن أيضا بسبب تكلفتها؛ حيث إن معظم دخلنا كان يذهب لفاتورة الكهرباء، مع أن دوتي هي المقيمة في القبو، وتعتبر هي المستفيدة الوحيدة منها؛ حيث تمنع عنها دخول الماء. قال هوجو إنه يجب علي التحدث مع دوتي بهذا الشأن، لكني أجبته بأن دوتي لا يمكنها الوفاء بنفقاتها؛ فقال إنه يمكنها أن تستقبل المزيد من الرجال، فقلت له أن يخرس. فمع تقدمي في أشهر الحمل، وإذ صرت أثقل وزنا وحركتي أبطأ، تعودت على دوتي أكثر وأكثر، وأصبحت أحبها وأحفظ كلامها عن ظهر قلب، وأردده، كنت أشعر وأنا معها بأنني في بيتي أكثر من شعوري بذلك مع هوجو أو أصدقائنا.
قال هوجو: لا بأس، علي أن أهاتف ربة المنزل. فأخبرته أن عليه فعل ذلك، فأجاب بأنه لديه الكثير ليفعله. في الحقيقة كنا نحن الاثنين نعزف عن مواجهة ربة المنزل لعلمنا مسبقا بأنها ستربكنا وتهزمنا بهزل حديثها المزعج المراوغ.
استيقظت ذات مرة في نصف الليل في منتصف أسبوع مطير متسائلة ما الذي أيقظني؟ اكتشفت أنه الهدوء. «هوجو، استيقظ، لقد تعطلت المضخة، لا أستطيع سماع صوتها.»
فأجاباني: «أنا مستيقظ.» «المطر ما زال منهمرا والمضخة لا تعمل، يبدو أنها تعطلت.» «كلا، إنها ليست معطلة ، لقد أطفأتها.»
فاعتدلت في جلستي وأضأت المصباح، لأجد هوجو مستلقيا على ظهره، وعيناه تقدحان شرارا ويحاول النظر إلي بحدة في نفس الوقت، فقلت له: «أنت لم تطفئها.» «حسنا لم أطفئها.» «أنت فعلت ذلك؟» «أنا لا أستطيع تحمل تلك التكاليف الملعونة أكثر من ذلك، لا أحتمل حتى مجرد التفكير بها، ولا أتحمل الضوضاء أيضا، أنا لم يغمض لي جفن منذ أسبوع.» «سيغرق القبو.» «سوف أشغلها في الصباح، كل ما أحتاجه بضع ساعات من الهدوء والسكينة.» «سوف يكون هذا بعد فوات الأوان، المطر ينهمر بغزارة.» «كلا، إنها لا تمطر بشدة.» «اذهب لترى من الشباك.» «إنها تمطر، لكن ليس بغزارة.»
أطفأت المصباح ورقدت بجانبه، وقلت بصوت هادئ وحازم: «هوجو، استمع لي، اذهب وشغل المضخة، دوتي ستغرق.» «في الصباح.» «يجب أن تذهب وتشغلها الآن.» «حسنا، لن أذهب.» «إن لم تذهب، فسأذهب أنا.» «كلا، لن تذهبي.» «بل سأذهب.»
لكني لم أتحرك من مكاني، فقال بحدة: «لا تهولي الأمر دون داع.» «هوجو.» «لا تصيحي.» «ستتلف المياه حاجاتها.» «هذا أفضل شيء ممكن حدوثه لها. على كل حال، لن تتلف.» استلقى بجواري، دون حراك، ولكن في ترقب، على ما أعتقد، كان ينتظر مني أن أنزل، وأحاول أن أكتشف كيف أشغل المضخة، وبعدها، ماذا سيفعل؟ هو لن يضربني؛ فأنا في شهور حملي الأخيرة، وهو لم يضربني قط، إلا إذا بدأت أنا بذلك. من الممكن أن يذهب ويطفئها مرة أخرى، وأذهب أنا لأشغلها ثانية، وهكذا، إلى متى سيستمر هذا؟ ربما يعوق طريقي، لكني إذا قاومته كثيرا فسيخاف أن يؤذيني، من الممكن أن يسبني ويغادر البيت، لكننا لا نمتلك سيارة، إنها تمطر بغزارة، ولن يستطيع الانتظار بالخارج طويلا. من الممكن أن يستشيط غضبا ويعبس، أو أن آخذ أنا البطانية وأنام على الأريكة بغرفة الجلوس بقية الليل. أعتقد أن أي امرأة ذات شخصية حازمة ستفعل ذلك، أعتقد أن أي امرأة تريد لهذا الزواج أن ينتهي ستفعل ذلك، لكنني لن أفعله، بدلا من ذلك، حدثت نفسي أنني لا أعرف كيف أشغل المضخة، وأنني خائفة من هوجو، حدثت نفسي باحتمالية أن هوجو محق؛ لا شيء سيحدث، لكني أردت أن يحدث شيء ما؛ أردت أن يتراجع هوجو عن رأيه.
عندما استيقظت كان هوجو قد رحل، وكانت المضخة تطرق كالعادة، كانت دوتي تقرع الباب المؤدي لدرجات القبو بعنف. «لن تصدقي عينيك إذا رأيت ما هنا، إني غارقة في الماء لركبتي. ما إن وضعت رجلي من السرير على الأرض حتى غرقت هكذا. ماذا حدث؟! أسمعت صوت المضخة يتوقف؟»
قلت لها: «كلا.» «لا أعرف ما الذي حدث، أعتقد أنها تعطلت، لقد تناولت زجاجتي بيرة قبل النوم ورحت في سبات عميق كأني سافرت. كنت سأشعر إن حدث مكروه، أنا دائما أنام نوما خفيفا، لكني كنت نائمة هذه الليلية كالميتة، وبمجرد أن أنزلت قدمي عن السرير ... يا إلهي! لحسن حظي أنني لم أضئ المصباح في نفس الوقت، كنت سأصعق بالكهرباء. كل شيء يطفو على الماء.»
अज्ञात पृष्ठ