فأما القول على لفظهما، فإن الصوت مصدر صات الشيء يصوت صوتا، فهو صائت، وصوت تصويتا فهو مصوت، وهو عام غير مختص، يقال سمعت صوت الرجل وصوت الحمار، قال الله تعالى: ﴿إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ﴾ .
وقال الشاعر:
كأنما أصواتها في الوادي ... أصوات حج منه عمان غادي١
وقال ذو الرمة، وهو من أبيات الكتاب:
كأن أصوات من إيغالهن بنا ... أواخر الميس أصوات الفراريج٢
يريد كأن أصوات أواخر الميس من إيغالهن بنا أصوات الفراريج، ففصل بين المضاف والمضاف إليه بحرف الجر، لضرورة الشعر، ومثله كثير، إلا أنا ندعه لشهرته، ولأن هذا الكتاب ليس موضوعا له، والميس: خشب الرحل.
_________
١ الوادي: كل مفرج بين الجبال والتلال والإكام "ج" أودية ووديان. لسان العرب "٦/ ٤٨٠٣" حج: "م" حاج، وهو الذي يقصد مكة للنسك.
غادي: المسافر في الغدوة، وهي الوقت ما بين الفجر وطلوع الشمس. لسان "٥/ ٣٢٢٠" وشبه الشاعر صوت الحروف وصداها بأصوات الحجيج التي تؤدي النسك وصدى صوتها بين الوديان والتلال. والبيت لم ينسبه المؤلف إلى قائله، ولم نجد له نسبة في جمهرة ابن دريد ولا في اللسان في "حج".
٢
كأن أصوات من إيغالهن بنا ... أواخر الميس أصوات الفراريج
إيغالهن: الإيغال الإمعال في السير بين ظهراني الجبال، أو في أرض العدو، ويقال: أوغلوا وتوغلوا وتغلغلوا.
الميس: شجر عظام حرجي للتزيين، من الفصيلة البوقيصية له ثمر أسود صغير حلو تأكله الطير وفي لحائه وجذوره مادة صفراء صبغية، وخشبه قوي تصنع منه مصنوعات النجارة ومنها الرحال، وإذا كان شابا فهو أبيض الجوف، فإذا تقادم اسود فصار كالأبنوس، ويغلظ حتى تتخذ منه الموائد الواسعة ويقصد به هنا في البيت خشب الرحل، لسان العرب "٦/ ٤٣٠٨".
الفراريج: "م" فروج وهو فرخ الدجاج. لسان العرب "٥/ ٣٣٧١" مادة: "ف. ر. ج".
ويشبه الشاعر أصوات أواخر الرحل "الميس" في محاولتها العدو والإيغال لتلحق بأول الرحل كأنها أصوات الفراريج.
والميس كناية عن الرحل المصنوع من شجر الميس.
1 / 23