सीरत मुलुक तबाचिना
سيرة الملوك التباعنة: في ثلاثين فصلا
शैलियों
يضاف إلى كل ذلك قدرتها على الحديث والإقناع وهي الشاعرة العريقة صاحبة المعلقات والمحرضات والموثبات والمراثي والمدائح.
فمن غير البسوس يمكن له أن يتفرد متفوقا في أسلوب حرب المخادعة والإيقاع المفضي إلى كل دمار، تعجز عنه أعتى الأسلحة والرجال؟
ومن هنا فكبوة حمير ودم التبع القتيل لن يأخذ بثأره غيرها، خاصة وبعد محصلة المعلومات والشواهد التي جمعتها جاهدة من مدن الشام وبواديه قبل حضره ومدنه، وبخاصة أخبار ووقائع ذلك التحالف الجديد بين آل مرة في لبنان، وبين التغلبيين الفلسطينيين، عقب زواج التبع الجديد، كليب، بالجليلة بنت مرة، ووراثة عرش حمير نهارا جهارا.
ثم ذلك الاستحواذ الجائر من جانب «كليب» الذي أصبح يتسمى متعاليا ب: «ملك العرب والعجم»، ممسكا بمقاليد السلطة والتسلط على حلفائه اللبنانيين؛ مما أوغر قلوب الأخيرين عليه، باعتباره لم يرع الاتفاق الضمني السابق لدى اغتيال التبع.
بل إن الأخبار والأقاويل وصلت إلى أذني البسوس مبالغا فيها إلى حد معرفتها الدقيقة بتفاصيل الصراع الوليد الخفي المتفاقم بين كليب وأخي زوجته الجليلة المدعو «جساس بن مرة».
وكيف أن الجليلة أصبحت نهبا لذلك الصراع بين زوجها وشقيقها، محاولة بكل ما أوتيت من رجاحة عقل، رأب ذلك الصدع الجديد المهدد بين قبائل زوجها، وقبيلتها هي - آل مرة - وحتى لا ينتهي الأمر بها إلى ضياع كل شيء.
وهي التي حلمت طويلا وصبرت إلى أن أوصلها طموحها إلى التربع على ذروة السلطة في دمشق وفلسطين وتوابعهما.
ووسط خضم تلك المسالك والمتعرجات والقسمات الواضحة السمات واصلت البسوس - أو سعاد - تحركاتها ورسم أبعاد خطتها الدامية، للانتقال بثروتها من خيول وجمال ورءوس أغنام وأموال، بالإضافة إلى كوكبة حرسها وأهل بيتها إلى ربوع الشام ولبنان.
إلا أنها تمهلت وأخرت تنفيذ خطتها ورحيلها، حين وصلتها أخبار جديدة، تلقتها من رسلها مستبشرة غير مصدقة، حتى إنها خلعت على الرسل، الذي حملوا إليها هذه الأخبار، الكثير من الأموال والهدايا.
ذلك أن والي التبع القتيل حسان على عدن وحضرموت والمدعو بالأمير «عمران القصير»، وصل به الغضب والضيق من مكيدة مصرع التبع حسان بالشام وفلسطين على ذلك النحو الغادر، إلى أقصى مداه، فجهز من فوره جيشه وفيالقه استعدادا للإبحار إلى تلك البلاد ومحاربة التغلبيين من بني ربيعة وحلفائهم، انتقاما لما حدث وألم بالتبع الذبيح.
अज्ञात पृष्ठ