واختلف أيضا إلى أبي الحسين علي بن إسماعيل بن إدريس، وقرأ عليه فقه الزيدية والحنفية، وروى عنه الحديث عن الناصر عليه السلام، وكان أبو الحسين هذا من أجلة أهل طبرستان رئاسة، وسترا، وفضلا، وعلما.
واستصحبه أبوه يوما لزيارة الشريف أبي الحسين يحيى بن الحسن الحسني الزاهد، فلما دخل عليه رحب به فحيث تمكن عنده خطب إليه ابنته المسماة بالحسنى فأشفعه(1)، وزوجها منه في الوقت، وقال: هل يصلح لها غيره.
قال المؤيد بالله: فلما زفت، بقيت في الصلاة ليالي متوالية إلى الصباح وأنا أستحي أن أعترض لها وساعدتها في العبادة، فلم أر أزهد منها، ولا أستر، فعاشرتها سنين ثم مضت إلى رحمة الله في شبابها، وقبرها يزار في الكلاذجة.
باب في ورعه
كان عليه السلام في الورع والتقشف والاحتياط والتقزز إلى حد تقصر العبارة دونه، والفهم عن الإحاطة به، فكان في حداثة سنه وعنفوان شبابه يتصوف، حتى بلغ في علومهم مبلغا منيعا، وحل في التصوف والزهد محلا رفيعا، وصنف (سياسة المريدين)، وكان يحمل السمك من السوق إلى داره قمعا لنفسه وكسرا لهواه وقسرا لتكبره، وكان(2) الشيعة يتشبثون به ويتبركون بحمله، فلايمكن أحدا من حمله ويقول: إنما أحمله قسرا للهوى، وتركا للتكبر، لا لإعواز من يحمله.
وبلغني أنه حمل كرة بعض المحقرات مكشوفا إلى باب الخانقاه فلما دخل على الأصحاب أدخله تحت ثيابه وغطاه وستره عنهم وأخفاه وفي ذلك معنى لطيف يعرفه من وفق لفهمه .
وبلغني أنه أفتى وهو بالري في بقرة أنها لرجل، فلما وقف على خطائه اجتهد حتى ظفر بالمستفتي وعرضها له.
पृष्ठ 2