सीरत अबी तयर
سيرة أبي طير
शैलियों
قال السيد شرف الدين رضي الله عنه: أخبرني من لا أتهم أن هؤلاء إذا أتي بهم إلى صاحب الموت أدخلهم دارا قد أعدها لهم فيها أنواع الفواكه والملاذ والمآكل النفيسة الطيبة والأنهار المطردة فيرون شيئا لم يرون قبله ولا يدخلون تلك الدار إلا بعد أن يسقوا شيئا من المسكرات تزول معه عقولهم فلا ترجع معهم عقولهم إلا في تلك الدار ثم لا يخجون عنها مدة فإذا أراد أن يدس واحد منهم أو جماعة أمرهم فسقوا شيئا يزول عقولهم ثم يخرجوا فإذا أخرجوا تركوا في أخس مكان حتى يرون من الهوان ما تقطع قلوبهم معه حسرة لفقد ما كانوا عليه، ثم يدس إليهم يسألهم عن حالهم فيقولون لا ندري كنا في دار كذا وكذا من النعم ثم صرنا إلى هذه الحالة من الهوان فيقول لهم: فإني أدلكم على أمر ترجعون به إلى دار أعظم مما رأيتم، فيقولون: وكيف لنا بذلك؟ فيوتى بهم إلى تلك الدار التي كانوا فيها فيمتلون فرحا ويفتح لهم باب إلى شيء ينظرون من بعيد بينهم وبينه حجاب من زجاج ومن وارئه صور ناس عليهم أنواع الملابس وحولهم من الملاذ وحلي الذهب، والفضة، والجوهر، وتصاوير الأطيار وأشياء عظيمة يفتتنون بها ويصبون إليها ويستصغرون تلك الدار التي كانوا أعجبوا بها، فيقول لهم القائل: أرأيتم تلك الصور؟ فيقولون: نعم، فيقول: ذلك فلان أمره مولاه أن يقتل فلان الملك فقتله وقتل وانتقل روحه إلى هذه الصورة ثم هو في هذه النعمة أبدا، فإن أردت تنال هذه الدرجة فامتثل أمر مولاك؟ فيقول: حبا وكرامه، فيقول: إن حدثت نفسك بالسلامة بطل أجرك وغضب عليك مولاك أبدا وتنتقل إلى دار الهوان وتنتقل إلى روحك إلى كلب أو خنزير، أو غير ذلك أبدا، فيقول: كلا، وربما يختبرهم سلطانهم فيسيروا إلى الواحد فيرمي بنفسه من شاهق أو يقتل نفسه، وهذا ما نقل إلينا من هؤلاء القوم الذين لم يسمع مثلهم في الدنيا ودسيستهم على الملوك إما بأن يأتوهم في هيئة صانع من الصنع النفسية الغريبة، وإما في هيئة الغرباء والصوفة، وإما في هيئة المماليك الذين يباعون فيبيع الواحد منهم أخاه أو أباه ممن يريد قتله من الملوك، فمنهم من يقتل بسكين تسمى الخوصية المحكمة الصنعة طولها نحو من ذراع بمقبضها مستقيمة مسمومة، ومنهم من يقتل بهيئات على هيئة الإبرة أو على الحسكة من الحديد المسمومة ويقيم الواحد منهم السنين الكثيرة حتى تمكنه الفرصة ممن يريد، ولهم حيل ويدخلون على الملوك الذي لا يبلغ إليه أحد سواهم ولم يعلم بدخلوهم اليمن على أحد من الملوك قبل إمامنا إلا أن يكونوا غير قاصدين لأحد، هذا فيما ظهر[118أ-أ]. والله أعلم.
قال الراوي: والسبب في وصول الحشيشي إلى اليمن أن سلطان اليمن في ذلك الأوان وهو يوسف بن عمر بن علي بن رسول لما قام في حرب الإمام عليه السلام كتب إلى الخليفة وأعلمه بما هو فيه من المدافعة عن ملك الخليفة فكتب إليه الخليفة وهو المستعصم بن المنتصر بن الناصر صاحب بغداد كتابا وأمر إليه رسولا وأموالا وملابس نفيسة وعقد له السلطنة في اليمن وولاه من تحت يده فطال بذلك، فلما كان في أيام طلوع هذا السلطان إلى صنعاء وخروج الإمام عنها وجه رسولا إلى الخليفه يقال له: ابن أبي الفهم، فأمر الخليفة إلى صاحب الموت فوجه إليه بحشيشين أحدهما: رجل قد طعن في السن أعور العين طويل القامه جليل المشاش شيطانا مريدا، والآخر غلام حدث السن في سن الشباب كامل الخلق، واسم هذا الشيخ فيما حكى: يوسف بن حسن، زعم أنه من الموصل. والله أعلم.
पृष्ठ 359