134

सिराज मुनीर

السراج المنير شرح الجامع الصغير في حديث البشير النذير

शैलियों

• (أن الله خلق الرحمة) أي التي يرحم بها عباده (يوم خلقها مائة رحمة) قال المناوي القصد بذكره ضرب المثل لنا لنعرف به التفاوت بين القسطين في الدارين لا التقسيم والتجزئة فإن رحمته غير متناهية والرحمة في الأصل بمعنى الرقة الطبيعية والميل الجبلي وهذا من صفات الآدميين فهو مؤول من جهة الباري وللمتكلمين في تأويل مالا يسوغ نسبته إلى الله تعالى وجهان الحمل على الإرادة فيكون من صفات الذات والآخر الحمل على فعل الإكرام فيكون من صفات الأفعال كالرحمة أي والذي لا يسوغ نسبته إليه تعالى إلا بتأويل كالرحمة فمنهم من يحملها على إرادة الخير ومنهم من يحملها على فعل الخير ثم بعد ذلك يتعين أحد التأويلين في بعض السياقات لمانع يمنع من الآخر فهاهنا يتعين تأويل الرحمة بفعل الخير فيكون صفة فعل فتكون حادثة عند الأشعري فيتسلط الخلق عليها ولا يصح هنا تأويلها بالإرادة لأنها إذ ذاك من صفات الذات فتكون قديمة فيمتنع تعين الخلق بها ويتعين تأويلها بالإرادة في قوله تعالى لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم لأنك لو حملتها على الفعل لكان العصمة بعينها فيكون استثناء الشيء بنفسه فكأنك قلت لا عاصم إلا لعاصم فتكون الرحمة الإرادة والعصمة على بابها الفضل المنع من المكروهات كأنه قال لا يمتنع من المحذور إلا من أراد السلامة اه وجعل السيوطي الاستثناء منقطعا فقال لكن من رحم الله فهو المعصوم (فأمسك) أي ادخر (عنده تسعا وتسعين رحمة وأرسل في خلقه كلهم رحمة # واحدة) فهذه الرحمة تعم كل موجود (فلو يعلم الكافر بكل الذي عند الله من الرحمة) أي الواسعة (لم ييأس من الجنة) أي لم يقنط بل يحصل له الرجاء والطمع في دخولها لأنه يغطي عليه ما يعلمه من النعيم العظيم وعبر بالمضارع في قوله يعلم دون الماضي إشارة إلى انه لم يقع له علم ذلك ولا يقع لأنه إذا امتنع في المستقبل كان ممتنعا في الماضي وقال فلو بالفاء إشارة إلى ترتيب ما بعدها على ما قبلها (ولو يعلم المؤمن بالذي ند الله من العذاب لم ييأس من النار) أي من دخولها وفي نسخة لم يأمن من النار فهو سبحانه وتعالى غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب والمقصود من الحديث أن الشخص ينبغي له أن يكون بني حالتي الخوف والرجاء (ق) عن أبي هريرة

पृष्ठ 368