(1) بمناح مختلفة، وتمكن في ألوان كثيرة من العلوم، فكان فيه المؤرخ واللغوي والأديب والنحوي والأخباري والعالم بالقراءات. وكان السهيلي فوق هذا شاعرا، يؤثر له أبياته المشهورة في الفرج:
قال ابن دحية عن السهيلي: «أنشدنيها وقال: ما يسأل الله بها في حاجة إلا قضاه إياها » . وهي:
يا من يرى ما في الضمير ويسمع # أنت المعد لكل ما يتوقع
يا من يرجى للشدائد كلها # يا من إليه المشتكى والمفزع
يا من خزائن رزقه في قول كن # امنن فان الخير عندك أجمع
ما لي سوى قرعى لبابك حيلة # فلئن رددت فأى باب أقرع
ما لي سوى فقري إليك وسيلة # وبالافتقار إليك فقري أدفع
من ذا الذي أدعو وأهتف باسمه # إن كان فضلك عن فقيرك يمنع
حاشا لمجدك أن تقنط عاصيا # الفضل أجزل والمواهب أوسع
وله غير هذه أشعار كثيرة، ذكر ذلك ابن العماد، ولم يزدنا على أبياته في الفرج شيئا. وذكر الصفدى «في نكت الهميان» ، والمقري في «نفح الطيب» بعض مقطوعات له.
وإن نظرة واحدة إلى مؤلفات السهيلي كفيلة بأن تعطيك فكرة عن اتجاهه الخلقي وإن رجلا عاش للدين، فوهب له حياته: ما بين درس له، وتأليف فيه، لخليق بأن يعرف بين الناس بالصلاح، ويشتهر بالورع والتقوى، وهكذا كان السهيلي.
وكان فوق هذا عفا قنوعا يرضى بالكفاف.
ومما يعرف عنه أنه كان مالكي المذهب، وأنه كان ضريرا، أضر في السابعة عشرة من عمره، وأخذ القراءات عن جماعة، وروى عن أبى بكر بن العربي وكبار رجالات العلم بالأندلس في أيامه، وأخذ اللغة والآداب عن ابن الطراوة، وناظره في كتاب سيبويه.
पृष्ठ 20