सिनेमा वा फलसफा
السينما والفلسفة: ماذا تقدم إحداهما للأخرى
शैलियों
كيف نقرر أي تفسير من تفسيرات سيناريو الإحلال الآلي هو التفسير الصحيح؟ يعتمد الأمر كله على معيار الهوية العددية الذي نعتقد أنه ينطبق علينا. لكن كيف يمكننا تحديد المعيار الصحيح؟ فقد اتضح وجود عدد لا بأس به من المعايير المرشحة، كيف إذن نختار من بينها؟ أحد أكثر الطرق الواعدة لتحري هذه المسألة هو إجراء تجارب افتراضية. في تجربة افتراضية حول الهوية الشخصية، نتخيل سيناريو تغيير جذري ونستشير حدسنا لمعرفة ما إذا كان الشخص الذي مر بهذا التغيير قد ظل على قيد الحياة أم لا. يقدم لنا حدسنا تلميحات حول تصورنا للهوية الشخصية. وإذا كانت أفكارنا البديهية قوية ومتماسكة، ويتشارك فيها نطاق واسع من الأفراد، ويعتمد عليها (على سبيل المثال، إذا لم تكن مشوهة أو متلاعب بها من خلال طريقة سردنا للقصة)، فإنها إذن دليل جيد يساعدنا على معرفة تصورنا عن الهوية الشخصية. الأفكار البديهية القوية والمعتمد عليها يجب أن ترشدنا إلى الظروف التي في ظلها يحافظ الناس على هويتهم عبر التغيير.
إجراء التجارب الافتراضية طريقة مهمة لإجراء التحليل المفاهيمي. إنها طريقة لاكتشاف الحدود الخارجية للمفاهيم ذات الأهمية. لقد عرضنا تجربة افتراضية - تجربة الإحلال الآلي - قبل بضع فقرات. هل ترى البقاء على قيد الحياة بعد عملية الاستعاضة عن أجزاء جسدك ببدائل آلية أمرا بديهيا؟ ربما لا. بالتأكيد يعتمد الأمر على «مدى» نجاح عملية الإحلال بأكملها، وماهية المقياس الذي يستخدم. ماذا لو فشل بديلك الآلي في تذكر أي شيء عن حياتك السابقة؟ (فلتفرض مثلا أن الذاكرة اتضح أنها مشفرة، ليس بداخل الوصلات بين الخلايا العصبية - الوصلات التي يمكن استنساخها عبر المحولات الدقيقة - بل بداخل خاصية ما غامضة لدى خلايا الدماغ العضوية التي ضاعت عندما حل محل الخلايا محولات غير عضوية.) في هذه الحالة، لا يبدو بقاؤك على قيد الحياة بعد العملية أمرا بديهيا على الإطلاق. بالتأكيد، سيرى الكثير من الناس أن العجز عن تذكر أي شيء عن حياتك الماضية يعني بديهيا أنك لم تبق على قيد الحياة بعد عملية الإحلال. قد يبدو أن شيئا جوهريا قد فقد أثناء التحول من الدماغ البشري إلى الدماغ الآلي . ماذا لو لم يمتلك بديلك الآلي وعيا على الإطلاق؟ ماذا لو كان يمشي ويتحدث مثل شخص واع، لكن داخله ظلام مطبق (إذا جاز التعبير)؟ (على سبيل المثال، قد يتضح أن الوعي ليس خاصية من خواص تدفق المعلومات داخل دماغك، لكنه خاصية غير جسدية مرتبطة على نحو ما بالطبيعة العضوية لجهازك العصبي المركزي.) في هذه الحالة، يتجلى فشل العملية؛ ففي إحدى مراحلها مات المريض على طاولة العمليات.
الآن لا ينبغي لك الاعتقاد بأن الوعي خاصية غير جسدية أو أن الذاكرة البشرية مشفرة داخل خاصية عضوية كامنة من خواص الخلايا الدماغية كي تتعلم درسا مهما من الأفكار الافتراضية التي عرضناها في الفقرة السابقة. إذا كان الفشل في الاحتفاظ بالوعي أو الفشل في الاحتفاظ بالذاكرة يعني نهاية وجودك؛ فذلك يكفي لدعم رؤيتنا. إن ما يسجله مفهوم الهوية الشخصية على ما يبدو هو وجودنا «الواعي» المستمر. (ربما كان الوجود الواعي المستمر ضروريا، لكنه غير كاف لاستمرارك. سنحتاج إلى إجراء تجارب افتراضية أخرى للتحقق من هذا.)
إن الرؤية الأكثر شيوعا على الأرجح للهوية الشخصية تعتمد على الأفكار البديهية التي ناقشناها لتونا في الفقرة السابقة. ويطلق عليها عادة نظرية الاستمرارية النفسية للهوية الشخصية. تزعم النظرية، في صيغتها المبسطة، أن معيار الهوية العددية للفرد هو استمرارية الوعي. لكن توجد مشكله ها هنا؛ وهي أن وعي الفرد أبعد ما يكون عن الاستمرارية؛ إذ تقاطعه على سبيل المثال فترات النوم. إذن «استمرارية الوعي» لا يمكن أن تعني «تدفقا غير متقطع للوعي». لكي ننقذ النظرية، لا بد أن تتفتق أذهاننا عن رؤية مختلفة لاستمرارية الوعي. ما الذي يربط الحلقات المنفصلة من تدفق الوعي غير المنقطع على النحو الملائم؟ الإجابة الواضحة، وربما الأفضل، هي الذاكرة: الذاكرة العرضية. عندما تستيقظ من النوم تنغمس فورا في حياتك الواعية المستمرة من خلال الذاكرة العرضية. قد لا تتذكر آخر شيء تحديدا مررت به قبل أن تخلد إلى النوم، لكنك تتذكر بعضا من أحداث اليوم السابق، وتصل ذلك اليوم باليوم الجديد عبر التجربة التي تتذكرها. من خلال تبني هذه الطريقة في النظر إلى القضية، نضع الصيغة التالية من نظرية الاستمرارية النفسية، والتي سنطلق عليها الاستمرارية النفسية القوية:
الاستمرارية النفسية القوية
تكون مجموعة من مراحل الفرد (أي الفترات الكاملة من تدفق الوعي غير المتقطع) فردا مميزا من منظور الهوية العددية - أي فردا فريدا من نوعه - بشرط واحد فقط؛ أن تكون كل مرحلة منها متصلة بالمرحلة التي تسبقها مباشرة عبر الذاكرة العرضية.
تواجهنا بعض المشكلات الفنية التي علينا التعامل معها قبل اعتبار الاستمرارية النفسية القوية صيغة مقبولة من الأساس. ظل معروفا لوقت طويل أن صياغة نظرية على النحو الذي استخدمناه لتونا قد يؤدي إلى دائرة مفرغة إن لم نتوخ الحذر. لقد وضعنا النظرية من منظور الذاكرة العرضية، هل نعني بذلك الذاكرة العرضية الفعلية أم شبه الذاكرة العرضية؟ (تذكر أن الذكريات الفعلية هي ذكريات عن تجربة حدثت بالفعل للشخص المتذكر، أما شبه الذكريات فهي ذكريات تبدو على هذا النحو، لكنها قد لا تكون كذلك.) لا يمكن أن تكون الذاكرة الفعلية؛ إذا كانت نظريتنا تزعم أن الهوية الشخصية تتكون من مراحل-الفرد التي تربطها ذاكرة عرضية فعلية، فهذا يعادل القول بأن الهوية الشخصية تتألف من مراحل-الفرد التي تربطها ذكريات عن تجارب خاضها الفرد محل الحديث ولم يخضها أي شخص آخر على وجه الخصوص. بهذه الطريقة، تئول بنا الحال إلى تعريف الهوية الشخصية من منظور الذاكرة العرضية الفعلية، وتعريف الذاكرة العرضية الفعلية من منظور الهوية الشخصية. تلك حلقة مفرغة لا يمكن قبولها. من أجل توخي الحذر إذن، علينا أن نصوغ نظرية الاستمرارية النفسية من منظور شبة الذاكرة. والآن يمكننا أن نضع معيار الهوية العددية من منظور ارتباط مراحل-الفرد من خلال شبه الذكريات. تكون مجموعة من مراحل-الفرد فردا مميزا بشرط واحد فقط أن تكون كل مرحلة منها تتصل بالمرحلة السابقة لها عبر شبه ذكريات اكتسبت على نحو صحيح. وسنحتاج في هذه المرحلة نظرية حول «كيفية اكتساب الذكريات على نحو صحيح»، بما يجنبنا الدفع بنظريتنا الجديدة إلى دائرة مفرغة. قد نزعم على وجه التقريب، لأغراض صياغة نظريتنا، أن الطريقة الصحيحة لاكتساب شبه ذكرى تتضمن سرد قصة سببية حول نشأة الذكرى، وهي أن تجربة ما تسببت في تغيير دائم في الجهاز العصبي نتج عن تسجيل ذكرى على النحو الطبيعي. وحدوث هذه العملية على النحو الطبيعي لا يفترض مسبقا أي شيء حول هوية صاحب التجربة أو صاحب الذكرى التي سجلت في الجهاز العصبي. إذا نجحت هذه الاستراتيجية، فسنكون قد وجدنا طريقة لتجنب الحلقات المفرغة وإنقاذ النظرية. وبما أن التحدث عن شبه الذكريات سيعقد الأمور للغاية، فإننا سنتجاهل هذه الإشكالية فيما تبقى من المناقشة. لكن من المفيد معرفة أننا نقدر على إنجاز هذه المهمة، وأنه من الممكن إنقاذ النظرية من السقوط في حلقة مفرغة. لا يزال يوجد العديد من المسائل المتبقية؛ فمهمة صياغة نظرية الاستمرارية النفسية القوية على نحو دقيق تماما وبعيد عن فخ الحلقات المفرغة، لم تتم بعد. لكن أصبح في وسعنا الآن تقديم المبادئ الأولية للنظرية.
تحدي «تذكار»
ليست التجارب الافتراضية هي السبيل الوحيد لبحث تصورنا عن الهوية الشخصية.
6
अज्ञात पृष्ठ