सिनेमा वा फलसफा
السينما والفلسفة: ماذا تقدم إحداهما للأخرى
शैलियों
والآن نطرح السؤال التالي: هل يفهم ذو الرأس الكبير اللغة الصينية؟ «أنت» لا تفهم اللغة الصينية، لكنك لست ذا الرأس الكبير؛ فهل يفهم ذو الرأس الكبير اللغة الصينية؟ من الصعب الإجابة عن ذلك. ما لا نستطيع قوله هو ما كان سيرل سيريد منا قوله، ومفاده أن ذا الرأس الكبير لا يفهم اللغة الصينية لأنك أنت لا تفهم الصينية. فهذه حجة غير سليمة لأنها تفترض كذبا أنك أنت وذا الرأس الكبير تشكلان نظاما معرفيا واحدا. هذا ليس صحيحا. إن نظام الغرفة الصينية داخل ذي الرأس الكبير يشبه غزوا أجنبيا لعقلك؛ فهو قابع في ذاكرتك مثل فيروس، مستغلا عادتك في اتباع التعليمات.
وهكذا أخفقت حجة الغرفة الصينية التي طرحها سيرل؛ ففي النهاية، هو لا يملك ردا مقنعا على رد النظامين. لكن هذا لا يعني أن استنتاجه خاطئ؛ فعبر تفنيد حجة سيرل لا نثبت أن الغرفة الصينية تفهم بالفعل اللغة الصينية، بل نثبت فحسب أننا لا نستطيع استخدام حجة سيرل لإثبات أنها لا تفهم اللغة الصينية. بالطبع ذو الرأس الكبير كائن غريب جدا، ولدينا من المبررات المقنعة ما يدفعنا إلى الشك في أن مكون الغرفة الصينية داخله يفهم شيئا حقا. وبما أنه لا يندمج كما ينبغي في نظامك المعرفي، فإنه لا يتمتع بنفس كفاءتك الآلية. وبدون الكفاءة الآلية؛ أي بدون الانغماس السببي المتعمق في بيئته، من غير المرجح على الإطلاق أن يفهم محتوى محادثاته مع المتحدثين باللغة الصينية. إن علينا الجمع بين رد الروبوت ورد النظام كي نجعل فكرة نظام الذكاء الاصطناعي الذي يفهم ما يفعله منطقية.
يعيدنا ذلك إلى فيلمنا. ليس من قبيل المصادفة أن يجسد الخيال العلمي أنظمة الذكاء الاصطناعي عادة في شكل روبوت؛ فحتى أجهزة الكمبيوتر التي تفتقد مجموعة مهارات الروبوت الكاملة، مثل الكمبيوتر هال في فيلم «2001: ملحمة الفضاء» (1968)، لديها مخزون ذاخر من القدرات الإدراكية الحسية والتنفيذية؛ فلدى هال على سبيل المثال أعين وآذان في كل مكان، وهو قادر على فتح أبواب المكوك الفضائي أو عدم فتحها وقتما يريد. في فيلم «ذكاء اصطناعي» ترتبط قدرات ديفيد الإدراكية ارتباطا وثيقا بأدائه الوظيفي كروبوت؛ فهو يتعلم عبر مشاهدة الآخرين ومحاكاتهم (ليس محاكاتهم حرفيا؛ فعندما يحاول بلع الطعام في مشهد تناول العشاء يكاد فكه ينفصل عن وجهه). ربما ديفيد قادر فعليا على الفهم جزئيا بسبب هذا الأداء الوظيفي. ربما يفهم حقا معنى «خصلة شعر» لأنه يستطيع قص خصلة من شعر مونيكا والتحدث عنها فيما بعد. ربما لديه فكرة ما عن طبيعة الجنية الزرقاء؛ لأنه قادر على الذهاب بحثا عنها.
هل ديفيد قادر على الشعور؟ اعتراض الكيفيات المحسوسة
بماذا سنشعر يا ترى لو كنا مثل ديفيد؟ لا يمكننا وضع أنفسنا داخل عالمه العقلي عبر تخيل نسخة تشبهه من تجربة الغرفة الصينية الافتراضية؛ فكما رأينا، أخفقت هذه التجربة في تحقيق هدفها. لكن هناك سبب آخر يدفعنا إلى التشكك في قدرات ديفيد العقلية؛ فلماذا نفترض أنه «يشعر» حقا بأي شيء؟ هو يسجل التجارب في صورة تدفق معلوماتي داخل نظام معرفي، لكن هل هو واع كليا؟ وهل يمكن من الأساس طرح سؤال عما سنشعر به لو كنا مكانه؟ هل يشعر ب «الألم» عندما تهجره أمه في الغابة؟ هو يتصرف كما لو كان متألما، لكن هل يشعره الهجر بالألم حقا؟
قد نتخيل أن ديفيد يبدي ردود أفعال تمثيلية مقنعة تعكس الألم والكرب دون أن يشعر فعليا بأي ألم أو كرب. نحن نعرف كيف يكون الشعور بالألم، وكيف يكون التظاهر بالشعور بالألم. لكن كيف نستطيع تحديد الفرق ظاهريا؟ يطلق الفلاسفة على الصفة الواعية لأي خبرة - أي «التألم» المميز للألم، أو «الحمرة» المميزة للون الأحمر، أو «النشاز» الذي يميز مجموعة نغمات موسيقية متنافرة - كيفية محسوسة، وجمعها كيفيات محسوسة. ومن هنا ينبع اعتراض آخر على أصالة ديفيد. هو لا يستطيع أن يحب مونيكا حبا حقيقيا؛ لأنه صمم كي يتصرف كما لو أنه يحظى بخبرات غنية بالكيفيات المحسوسة، بينما هو في الواقع لا يملك هذه الخبرات. عندما يشعر بالحزن على ما يبدو عند معرفته أن مونيكا يوما ما ستموت، فإنه لا يفعل أكثر من مجرد محاكاة السلوك المنتظر منه في هذه الحالة. إنه لا يشعر في الحقيقة بأي اغتمام فعلي، رغم تصورنا أنه من المستحيل تماما الجزم بأنه لا يشعر بذلك. يفتقد ديفيد الكيفية الحسية الخاصة بالشعور بالكرب أو الاغتمام. لا يمكننا معرفة ما الذي سنشعر به لو كنا مكان ديفيد بينما يبدو مغتما، بل لا يمكننا معرفة ما سنشعر به لو كنا مكان ديفيد من الأساس؛ فذلك يشبه تخيل ما سنشعر به لو كنا محمصة خبز مثلا. هذا ما يطلق عليه اعتراض الكيفيات المحسوسة.
حتى هذه اللحظة، نحن نعبر عن مجرد شك، هل يوجد حجة فلسفية تدعمه؟ ما نحتاج إليه هو حجة تثبت أن الوعي؛ أي خبرة الكيفيات المحسوسة، لا يمكن خلقه اصطناعيا. وبما أننا لا نعرف تحديدا كيف ظهر الوعي لدى البشر - لأسباب لا تتعلق بنقص في النظريات - فمن غير الوارد أن نتمكن من استبعاد إمكانية وجود وعي اصطناعي بناء على أسس فلسفية. ربما نشعر بوجود شيء خاص، شيء روحاني على الأرجح أو غير آلي، يميز الوعي. ربما نشعر على نحو بديهي أن الكائنات الحية أو الكائنات التي تملك روحا هي فقط التي تتمتع بوعي كامل، لكن هذا الإحساس البديهي لا يتمتع وحده بثقل فلسفي كبير.
تقربنا إحدى الحجج الفلسفية من هدفنا المنشود؛ هي حجة تدعي إثبات أن الوعي في الحقيقة ظاهرة غير مادية على الإطلاق. إذا كان الوعي غير مادي، فربما يستحيل علينا بالفعل استنساخه اصطناعيا. يقدم لنا هذه الحجة الفيلسوف الأسترالي فرانك جاكسون (1982؛ 1986)، وتعرف باسم «حجة المعرفة» وتتطلب بدورها تجربة افتراضية أخرى. (سنغير ها هنا أيضا بضعة تفاصيل من أجل سهولة العرض.) تخيل أن امرأة تدعى ماري خضعت لتجربة نفسية مطولة وقاسية؛ فعندما ولدت زرعت في عينيها أجسام خاصة تمنعها من رؤية أي شيء بالألوان؛ ومن ثم قضت حياتها ترى كل شيء باللونين الأبيض والأسود. رغم ذلك، أو ربما نتيجة لذلك، أصبحت ماري أعظم خبراء العالم في الإدراك البشري للألوان، بل إن براعتها الفذة في اكتشاف الحقائق فيما يتعلق بإدراك الألوان أوصلتها إلى معرفة كل ما يهم معرفته في هذا المجال؛ فهي تعرف جميع الحقائق المادية التي تتعلق بإدراك الألوان مثل طريقة تفاعل الجهاز البصري مع الضوء من شتى الأطوال الموجية، وكيفية معالجة الدماغ للمعلومات التي يستقبلها من المستقبلات البصرية وغيرها. وهكذا توصلت ماري إلى معرفة جميع الحقائق المادية المتعلقة بطبيعة إدراك اللون. ومع نهاية التجربة، أزيلت الأجسام المزروعة في عيني ماري، وأصبحت الآن قادرة فعليا على رؤية الألوان عوضا عن الاكتفاء بطرح النظريات حولها. وبينما تتجول في الخارج ترى وردة حمراء ، فتقول لنفسها «هكذا إذن يبدو اللون الأحمر، لم أكن أعلم ذلك قط!» يوجد شيء إذن لم تعرفه ماري ؛ هي لم تكن تعرف حقائق الكيفيات المحسوسة الخاصة بإدراك الألوان، لم تكن تعرف كيف يبدو اللون الأحمر. لكنها كانت تعرف جميع الحقائق المادية. يثبت ذلك أن حقائق الكيفيات المحسوسة ليست حقائق مادية. ثمة جوانب أخرى للوعي خلاف المعالجة المادية للمعلومات في الدماغ.
ما مدى منطقية حجة المعرفة؟
9
अज्ञात पृष्ठ