Silsilat Al-Adab - Al-Munjid
سلسلة الآداب - المنجد
शैलियों
التبشير بالخير من الآداب الإسلامية العظيمة
والتبشير بالخير والشيء الطيب السار والأمر المفرح من السنة، وهو من الآداب الإسلامية العظيمة، فأما أعظم ما نبشر به المؤمن فهو البِشارة بما أعد الله له، قال الله تعالى: ﴿وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ [البقرة:٢٥] وكذلك فإن الله سبحانه قد بشر المؤمنين بالملائكة، قال سبحانه: ﴿إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ * وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ﴾ [الأنفال:٩ - ١٠].
والنبي ﷺ كان يبشر بالأمور الدينية كثيرًا، فليس فقط لمن جاءه ولد أو مال أو هدايا أو نحو ذلك، بل كان ﷺ كثيرًا ما يبشر بالأمور الدينية، وقد جاءه أعرابي كما في صحيح البخاري في كتاب المغازي فقال: (ألا تنجز لي ما وعدتني؟ -قيل: إنه وعده وعدًا خاصًا، أو إنه وعده أن يعجل له نصيبه من الغنيمة- فقال له: أبشر، فقال: قد أكثرت من أبشر -الأعرابي لم يقبل أبشر أبشر كلما جاء إلى النبي ﷺ فأقبل الرسول ﷺ على أبي موسى وبلال كهيئة الغضبان فقال: رد البشرى فاقبلا أنتما، قالا: قبلنا، ثم دعا بقدح فيه ماء فغسل يديه ووجهه فيه ومجّ فيه ثم قال: اشربا منه وأفرغا على وجوهكما ونحوركما وأبشرا، فأخذا القدح ففعلا، فنادت أم سلمة من وراء ستر: أن أفضلا لأمكما -لأنها: أم المؤمنين- فأفضلا لها منه طائفة) ولا شك أن هذا كان خيرًا لهما من كل مال وغنيمة، ولكن الأعرابي لا يفقه.
والنبي ﷺ لما جاءه بنو تميم قال: (يا بني تميم! أبشروا، قالوا: بشرتنا فأعطنا) هؤلاء أيضًا أعراب لا يفهمون البشرى إلا في الأمور المادية، والنبي ﷺ يقول: (اقبلوا البشرى) يريد أن يعلمهم شيئًا ينفعهم في معادهم وآخرتهم: (فتغير وجه النبي ﷺ، فجاءه أهل اليمن فقال: يا أهل اليمن! اقبلوا البشرى إذ لم يقبلها بنو تميم، قالوا: قبلنا، فأخذ النبي ﷺ يحدثهم عن بدء الخلق والعرش) إلى آخر الحديث.
وكذلك النبي ﷺ بشر أصحابه بأن صلاة العشاء عند نصف الليل خير عظيم، قال: (أبشروا أن من نعمة الله عليكم أنه ليس أحد من الناس يصلي هذه الساعة غيركم).
فهذه كلها بشارات دينية عامة، وهناك بشارات دينية خاصة لبعض الصحابة، مثل قصة ثابت بن قيس لما غاب عن النبي ﷺ فقال رجل: (يا رسول الله! أنا أعلم لك علمه، فأتاه فوجده جالسًا في بيته منكسًا رأسه فقال: ما شأنك؟ فقال: شر، كنت أرفع صوتي فوق صوت النبي ﷺ فقد حبط عملي، فأتى الرجل إلى النبي ﷺ فأخبره أنه قال: كذا وكذا -فقال موسى بن أنس الراوي: فرجع المرة الآخرة ببشارة عظيمة- فقال: اذهب إليه فقل له: إنك لست من أهل النار ولكن من أهل الجنة) فهذه بشارة عظيمة جدًا، ولا أعظم من أن يبشر الإنسان بأنه من أهل الجنة.
2 / 3