وأما اهتمامه حمه الله تعالى(4): في دفع الضرر عن إخوانه وعن المسلمين بيده، ولسانه، ودعائه، وشفاعته فمما لا ينحصر ولا يتعدد حتى أنه كان ينابذ عليهم بلسانه. رأيته يوما وقد أخذ بطرف ثوب رجل خاصم بعض خواص إخوانه، فقال له: تقول هكذا لفلان؟ أمثلك يقول ذلك؟ أمثلك يجتري عليه؟ وهو يغمزه بيده فاستحيا ذلك المخاصم وفر وولى، وفي الله نحتسب من فارقنا من شقيق. ومنها: أنه ذكر لبعض مؤديه الصالحين أنه يحتاج إلى شيء من المال ليتخذ به منهلا مباركا، فقال له ذلك المود: باسم الله خذ ماشئت، فاتخذ حمه الله تعالى(5) بركة عظيمة، ومنهلا مباركا، وموردا عذبا عظيما، عليه الرخام على طريق مدينة ذمار ما بين معبر ورصابة، وأنفق على هذه البركة من (الدراهم)(6) ألوفا ومن الثياب والحب (وغيره) (7) شيئا كثيرا. وكان رحمه الله تعالى(8) في مدة العمارة يطوف عليهم الفينة بعد الفينة، (والمقيم) (9) على العمارة رجل فاضل من إخوانه يقال له: الفقيه يوسف بن محمد الطلحامي(10) أعان وباشر واجتهد، وكان حمه الله تعالى(11) يدعو له ويثني عليه. مر الإمام الناصرعليه السلام على هذه البركة يوم غزا إلى عدن في عساكر كالجراد فنزل عليه السلام من ظهر جواده وقعد على شفيرها، وشرب من مائها، وهو يحمد الله تعالى، ودعا لسيدي إبراهيم الكينعي، فقال له بعض خدمه: من عمر هذه البركة ؟ فقال : إبراهيم الكينعي (نفع الله ببركاته) وأنا أسمع ذلك وأشاهده، وكان الباعث والسبب في عمارة أربع برك واسعة في نواحي مدينة صنعاء سأذكرها في مآثره الحسنى إن شاء الله تعالى، وكان يسير في كل عام في الأغلب نواحي ذمار والسفل وبلاد مذحج، لزيارة إخوانه (ويتفقد هجرة والتي)(1) عمرت ببركته وقصده، ويشفع لإخوانه ويعول أولاد إخوانه يتامى ونساء وغيرهم، وربما يحمل لهم من صنعاء شيئا من الكسوة والكوافي والمصاون (والمصالح)(2) الكثيرة يهديها إلى الصالحين والصالحات، ويقول: أجد في قلبي مسرة عظيمة بهذه المشايخ فيؤنسهم ويقرر قلوبهم، ومن وجده عائلا رم له ما يحتاج إليه من فضل الله تعالى؛ لأنه رحمه الله تعالى ما كان يملك شيئا قط، ولا يسافر إلا بركوة في يده وعصا ومصحف كريم، لكنه عبد (غني) (3)، مستغني بغنى مولاه تبارك وتعالى، ويذكر غافلهم، ويدفع عنهم الأذيات، كان رحمه الله تعالى يحب إخوانه ويعظمهم تعظيما كثيرا ويحب من يحبون، ويكره من كرهوا، ويدعو لمن أحسن إليهم، ويدعو على من يسيء إليهم، (يقول) (4): شغله الله بنفسه، وكفاكم شره، فكان كما يقول: أما هلك من يؤذيهم وإلا هدى إلى الخير في الأغلب، ومن مكارم أخلاقه المبرورة وسجاياه المشكورة أنه كتب إلى بعض موديه من مكة المشرفة كتابا مبشرا مذكرا لإخوانه بأنه وإن بعد عنهم فقلبه معهم، نسخته: حسبي ربي وكفى ونعم الوكيل، وصل يا رب على محمد وآله وسلم، يا إلهي، أفقر الفقراء إلى الملك الأعلى محبه بلسانه وجنانه المؤمل أن يقبل تراب أخمص نعليه وما ذلك على (ربي)(5) بعزيز إبراهيم بن أحمد، أما بعد: فإني أحمد الله الذي لا إله إلا هو حمدا كثيرا مباركا فيه وصلني كتابك فشفاني، وسكن اشتغالي بك، فليس في قلبي أقدم منك كما يعلم ربي، وكذا من رحمه الله تزوره آناء الليل وأطراف النهار، أخونا وحبيبنا سعيد بن منصور الحجي فلقد أوحش علي اليمن بعده، ومضني فراقه، وسرني هذه الوفاة التى حصلت له على الإقبال إلى الآخرة فإني في حقه من علماء الباطن وأنتم من علماء الظاهر، كان من الأفاضل المقربين، ومن خيرة الأولياء والصالحين، جمع الله بيننا وبينه حيث لا افتراق بعده، تعلم أن أحوالي بحمد الله جميلة غاية ما يكون من أمور الدنيا والآخرة ما أعتقد يحصل لي خير إلا ببركة دعائك، ودعاء حي مريم كان خاطرها معي، فرحم الله مريم وأصلح أمورنا الجميع بمحمد وآله، وتعلم أن لي في مكة المشرفة أربعة مواضع كلها أشاهد فيها البيت العتيق، ومن ألطاف الله الجميلة معرفتي بهذا السيد العالم محمد بن على (التجريبي) (1) الحسيني(2) - حسن الله به حال دنياي وآخرتي- وكنت في جنب علمه في علم المعاملة كمثل أهل شعوب في جنب عالم، حاز علم الشريعة وعلم الحقيقة، وعاده شاب حدث، تأتيه الفتوح من البلاد وما عليه إلامرقعة للحر والبرد، وله تصانيف في علم الشريعة، وعلم الطريقة، وله فضائل جمة، وقد كتب إليك، وواخيته لك، وصدر لك بسجادة ومسبحة ومحبى، وهو رجل زادني الله به هدى ونورا وبهجة وحبورا، والفقيه علي بن أبي القاسم الشقيق(3)، ناظرا لأموري، معينا لي، فجزاهم (الله) (4) عني خيرا ، والشريفة المفضلة والدتك، والسيد الولي صنوك، والسيد الحبيب ولدك عبدالله(5)، وكافة الأصحاب والأحباب، الله يتحفهم بأشرف السلام وأزكى التحية والإكرام، وقد كان كتبت العام (نيفا)(6) وعشرين ورقة فيها تفصيل الأصحاب والأحباب من بني قيس إلى صعدة أهل الصلوات والطوافات، والمخصوصون بالدعوات المجابات إن شاء الله تعالى، أنت قد أشركتك في جزء من عملي كله إذا قبل ربي، فأهل الصلوات والطوافات الإمام المهدي (لدين الله) (7)علي بن محمد بن علي، وولده الإمام الناصر(لدين الله) (1) صلاح الدين، والقاضي حسن بن (سليمان) (2)، والفقيه حسن بن محمد النحوي(3)، وولداه محمد ويحيى(4)، وسليمان بن يحيى الصعيتري(5) ، وحاتم بن منصور، ومحمد بن عبد الله الرقيمي، وعبد الله بن محمد بن يحيى بن حمزة، والفقيه يحيى بن محمد العمراني، وراشد بن نشيب، وعبد الله بن راشد بن نشيب، وسعيد بن منصور الحجي، والفقيه علي بن عبد الله(بن)(1) أبي الخير، والسيد أحمد بن المهدي صنوك، والسيد الناصر بن أحمد ، والسيد الهادي بن يحيى، وصنوه المهدي بن يحيى، والسيد الهادي بن علي، والسيد محمد بن يحيى الطبيب، والفقيه على بن النضير، والفقيه يحيى بن محمد التهامي، وحسين بن الدرب، والفقيه قاسم بن عمر، وأخوه علي بن عمر، والفقيه محمد بن يحيى بن حبيب، وابنا سعيد محمد وداود، والسيد محمد بن علي صاحب الوشل، والفقيه سعيد بن علي من ثلاء، والسيد محمد بن سليمان الحمزي، وأخو راشد بن محمد، ومن أهل صعدة السيد داود بن يحيى، والسيد الهادي بن إبراهيم(2)، والقاضي عبد الله بن أحسن(3)، وأخوه علي بن أحسن(4)، والقاضي محمد بن حمزة والشريفة(الفاضلة) فاطمة بنت الإمام، وأهل الدعوات إخواننا (بلاد) (1) مذحج، وذمار، ومعبر، وصنعاء، وثلاء، وظفار، وحوث، هذا الذي حضرني من الأصحاب وقد عملت على المسير إليكم بالجسم والقلب، والقلب معلق في مكة عليها السلام والله تعالى يتقبل من الجميع، وقد ذكرت (تلك)(2) الأصحاب جملة لوجهين:
أحدهما: لا يعتقدوا غفلتي عنهم، والثاني، (ليتذكروني)(3) بالدعاء فالموت آت، وكأنك بمن قد مات قد نسي، وبعد السلام عليكم، وعلى كافة الإخوان، والدعاء الدعاء، وصل يا رب على محمد وآله وسلم.
पृष्ठ 145