अरब और फारस के बीच संबंध और उनका आदान-प्रदान
الصلات بين العرب والفرس وآدابهما في الجاهلية والإسلام
शैलियों
تمهيد
المقدمة
الباب الأول: الفرس والأمم السامية قبل الإسلام
1 - العرب والفرس قبل الإسلام
2 - الصلات الأدبية بين الأمتين
الباب الثاني: العرب والفرس بعد الإسلام
1 - الفتح واختلاط العرب والفرس
2 - اللغة الفارسية في القرنين الأولين
3 - الفرس في الدولة والجماعة الإسلامية
4 - استقلال إيران عن الخلافة
अज्ञात पृष्ठ
5 - الأدب الفارسي الحديث
6 - مكان العربية في إيران من الفارسية
تمهيد
المقدمة
الباب الأول: الفرس والأمم السامية قبل الإسلام
1 - العرب والفرس قبل الإسلام
2 - الصلات الأدبية بين الأمتين
الباب الثاني: العرب والفرس بعد الإسلام
1 - الفتح واختلاط العرب والفرس
2 - اللغة الفارسية في القرنين الأولين
अज्ञात पृष्ठ
3 - الفرس في الدولة والجماعة الإسلامية
4 - استقلال إيران عن الخلافة
5 - الأدب الفارسي الحديث
6 - مكان العربية في إيران من الفارسية
الصلات بين العرب والفرس وآدابهما في الجاهلية والإسلام
الصلات بين العرب والفرس وآدابهما في الجاهلية والإسلام
تأليف
عبد الوهاب عزام
تمهيد
موضوع هذا المقال الصلات بين العرب والفرس وآدابهما الجاهلية في الإسلام وبعده، وهو موضوع واسع صعب مجهولة بعض نواحيه. وقد حاولت جاهد الطاقة أن أبين عنه إجمالا في هذا المقال، ورأيت أن أمهد بكلمة في تاريخ الفرس القديم وآدابهم، وأن أعنى بالمسائل المجهولة، التي لم تشع بين جمهور قراء العربية، وأغفل المسائل المعروفة أو أكتفي بالإشارة إليها. وقسمت المقال هذه الأقسام: (1)
अज्ञात पृष्ठ
مقدمة في تاريخ الفرس وآدابهم قبل الإسلام. (2)
الباب الأول: في الصلات بين الفرس والأمم السامية عامة والعرب خاصة - قبل الإسلام. (3)
الباب الثاني: الصلات بين العرب والفرس في العصور الأساسية، وفيه فصول: (أ)
الفتح الإسلامي واختلاط الأمتين. (ب)
اللغة الفارسية من الفتح إلى القرن الثالث الهجري. (ج)
الفرس في الجماعة الإسلامية وأثرهم في الأدب. (د)
ظهور الدول المستقلة في إيران. (ه)
الأدب الفارسي الحديث: نشأته، وترعرعه، وخصائصه، وعلاقته بالأدب العربي. (و)
مكان العربية في إيران من الفارسية الحديثة.
المقدمة
अज्ञात पृष्ठ
إذا تركنا الأساطير وأشباهها من الظنون الواهية فليس لدينا أثارة من تاريخ الإيرانيين أقدم من روايات الآشوريين. وأبعد هذه الروايات تاريخا يرجع إلى القرن التاسع ق.م.
وقد اعتاد المؤرخون أن يبدءوا الكلام في تاريخ إيران بتاريخ الدولة الميدية كأنها أول دولة إيرانية.
وليس من همنا أن نتوسع في بيان الواقعات التاريخية في هذه المقدمة، فحسبنا أن ننبه القارئ إلى أمرين:
الأول:
أن الدولة التي أقامت سلطانها في الشمال الغربي من أرض إيران وجعلت دار ملكها إكبتانا (همذان) وذكرت في التاريخ الآشوري، وكتب عنها هيرودت وغيره من مؤرخي اليونان، والتي أعانت البابليين على إسقاط دولة آشور ثم ورثت أرضها ومدت سلطانها إلى الشمال والجنوب - هذه الدولة التي سماها القدماء ميديا وتبعهم المؤرخون إلى هذا العصر ليست دولة ميدية، كما تبين من قراءة الآثار التي كشفت آخرا، وإنما هي دولة مندا التي سماها القدماء «الاسكيث».
وأما ميديا فكانت إلى الشمال والشرق من مملكة آشور ولم تكن ذات خطر في التاريخ ولا امتد سلطانها على أقوام آخرين بل لم تجمع مدنها دولة واحدة قوية.
والثاني:
أن الدولة المندية (لا الميدية) ليست إيرانية وإن كانت من الأمم الهندية الأوربية، ولكن لغتها وديارها وصلها ببلاد إيران جعلها ذات صلة متينة بالتاريخ الإيراني.
ولم يعثر الباحثون على آثار لهؤلاء القوم تكشف عن تاريخهم، ولكن تعرف أثارة منه في آثار الآشوريين وكتب اليهود واليونان.
كانت مندا تقال على القسم الشمالي الغربي من إيران الحاضرة وكانت حاضرتها إكبتانا (همذان) في الأرض التي سماها العرب بلاد الجبال. وقد ذكرت في الآثار الفارسية القديمة باسم هكمتاتا.
अज्ञात पृष्ठ
وهؤلاء القوم، كما يقول هيردوت، كانوا أول من خلع نير الآشوريين بعد أن خضعوا لهم قرونا، وتبعهم في الاستقلال أقوام آخرون. وقد استقلوا مبتدأ القرن السابع ق.م، وامتدت دولتهم واستمرت قوية حتى ثار كورش أمير أنشان على ملكه استياجس وأزال ملكه، وأقام الدولة الفارسية العظيمة دولة هخامنشي - أعني الدولة الكيانية التي سماها الأوربيون الأخمنية
Achaemenians .
ذهبت مندا وآثارها ولم يبق اسمها إلا ما يزعم بعض الباحثين أن كلمة ماه التي تذكر في التاريخ الإسلامي مثل ماه الكوفة وماه البصرة هي كلمة مادا في الفارسية القديمة، وكانت تقال على إقليم منذا.
الدولة الكيانية
وأما الدولة الكيانية التي سيطرت على بلاد إيران منتصف القرن السادس ق.م، ومدت سلطانها إلى الهند واليونان ومصر فهي أول دولة إيرانية عظيمة ولا تزال آثارها شاهدة بتاريخها، وقد بقيت أسماء ملوكها في الآداب الفارسية والعربية على مر العصور، فكورش مقيم الدولة وابنه قمبيز ثم دار الكبير لم ينس أسماءهم التاريخ قط. ولست في حاجة إلى ذكر ملوكها أو طرف من تاريخهم. وحسبي أن أقول: إن أقدم الآثار الفارسية ترجع على زمن هذه الدولة ولا تزال نقوش دارا وخلفائه مقروءة في جبل بيستون على ثلاثين ميلا من كرمانشاهان وفي نقش رسم وفي إصطخر وغيرها.
إسكندر المقدوني
أدت غارات الإسكندر على آسيا إلى زوال دولة الكيانيين، وأعقب هذا فترة طويلة استمرت خمسة قرون لم تجمع بلاد إيران دولة إيرانية واحدة. وشد ما كرر الفرس إسكندر وسموه (إسكندر الرومي اللعين) حتى صالحته الأساطير إذا جعلته أخا دار الثالث وابن دار أب من بنت فيليب المقدوني. فإنما ورث إسكندر ملك أبيه حينما جلس على عرش إيران.
1
الدولة الأشكانية
تقسم خلفاء إسكندر دولته، وثارت الحرب بينهم حقبة طويلة حتى استولى سلوقوس على بابل سنة 312ق.م وأسس دولة امتدت حدودها حينا إلى سيحون والبنجاب ودامت زهاء قرنين.
अज्ञात पृष्ठ
وفي منتصف القرن الثالث ق.م قامت في برثوا (في خراسان واستراباد الحديثتين) الدولة الأشكانية وهي الدولة التي عدها مؤرخو العرب في ملوك الطوائف، ويسميها الأوربيون برثيا، ويظن أن ملوكها تورانيون أغاروا من الشمال. وما زالت الدولة تتسع وتنازع السلوقيين بلاد إيران وما يتصل بها من الغرب حتى شملت ما بين بلخ والفرات وبحر قزوين والخليج الفارسي في عهد مثراداتس 170-138ق.م.
وما زالت الدولة في جزر ومد تحارب السلوقيين ثم الرومان حتى ملك ارتبانوس (أردوان)، وبينما ينعم بملكه وقوته وينتصر على الرومان ثار عليه أردشير بن بابك (أردشير بابكان) وهزمه وقتله وأقام الدولة الساسانية.
وكانت الدولة الأشكانية تتأثر بالحضارة اليونانية، ولم تكن ذات عناية بدين الفرس وآدابهم، فعدها الفرس دولة أجنبية ولم تسجل أساطيرهم وآدابهم كثيرا من أخبارها ولم توسع لهم الشاهنامة في قصصها على طول مدتهم.
الدولة الساسانية
وهي الدولة التي أعادت مجد الفرس القديم، ونصرت دين زردشت وسيطرت على إيران كلها حتى الفتح الإسلامي. ويعرفها التاريخ معرفة واسعة وتتسع لأخبارها كتب التاريخ العربية وتتردد أسماء ملوكها في كتب الأدب العربي.
وأول ملوكها أردشير بن بابك (226-241م) وآخرهم يزدجرد الثالث (632-652م).
وقد دامت أكثر من أربعة قرون وثبت سلطانها وادعى ملوكها لأنفسهم مكانة فوق البشر، وحقا في الملك مقدسا. جاء في آثار شابور بن أردشير:
هذا بلاغ مني عابد مزدا شاهيهر القائم بين الآلهة ملك ملوك فارس وغيرها الذي يمت إلى الآلهة بنسب، ابن عابد مزدا أرتخشنر المعدود في؟؟ ملك ملوك فارس وغيرها المنتسب إلى الله، حفيد بابك ... إلخ.
اللغات والآداب في هذه العصور
يمكن أن تقسم لغات هذه العصور وآدابها إلى قسمين: القديم والفهلوي:
अज्ञात पृष्ठ
فأما القديم فيمثل في الآثار الكيانية وكتاب أفستا (الأبستاق) وهو الكتاب المقدس عند الزردشتيين.
عرف من هذه الآثار زهاء أربعين نقشا معظمها نصوص قصيرة تاريخية وأكثر هذه الآثار مرقوم في لغات ثلاث معا: الفارسية القديمة والآشورية والعلامية.
وتزاد الآرامية في بعض النقوش، وقليل من الآثار مرقوم في اللغة الفارسية القديمة وحدها وجميع هذه اللغات إلا الآرامية مكتوبة بالخط المسماري على اختلاف أساليبه بينها.
ويقال إن اللسان الفارسي القديم الذي نجده في الآثار كان أكثر استعماله في الآثار والرسائل الرسمية. وأما الخطاب بين الناس فكان بلغة قريبة من الفهلوية.
والفارسية القديمة مشتقة من اللغات الآرية وقريبة من السنسكريتية، وأطول النقوش الفارسية القديمة نقوش دارا في بيستون وإصطخر، وهذا مثال من نقوش دارا في إصطخر:
عظيم أهورا مزدا الذي خلق هذه الأرض والذي خلق تلك السماء والذي خلق الإنسان والذي خلق سعادة الإنسان الذي جعل دارا ملكا، ملكا واحدا لكثيرين وشارعا واحدا لكثيرين.
أنا دارا الملك العظيم - ملك الملوك - ملك الأراضي التي تعمرها الشعوب كلها، ملك هذه الأرض العظيمة منذ أمد بعيد - ابن ويشتاسب الكياني - فارسي ابن فارسي، آري من نسل آري، يقول دارا الملك: «بفضل أهورا مزدا هذه هي الأراضي التي أملكها وراء فارس، التي أسيطر عليها والتي أدت الجزية إلي والتي فعلت ما أمرتها به والتي فيها تطاع شريعتي: مديا - سوسيانا - بارتيا - هريفا = هرات، بكتريا (بلخ)، سغد، خوارزم (خيوه) ... الهند وبابل وآشور وبلاد العرب ومصر وأرمينيا، وكمباذوقيا وأسبارتا ... إلخ.
يقول دارا الملك: حينما رأى أهورا مزدا الأرض ائتمنني عليها - جعلني ملكا، بحمد أهورا مزدا قد نظمت أحوالها وما أمرت به أطيع كما أردت، إذا قلت في نفسك: كم عدد الأرضين التي حكمها الملك دارا فانظر إلى هذه الصورة: إنهم يحملوك عرشي فعسى أن تعرفهم، ستعلم إذا أن رماح رجال ارس قد بلغت مدى بعيدا، وستعلم إذا أن الفرس أضرموا الحرب نائين عن فارس.
يقول الملك دارا: كل ما علمت فإنما عملت بفضل أهورا مزدا، أهورا مزدا أيدني حتى أكملت العمل، لعل أهورا مزدا يحفظني وبيتي وهذه الأرضين، لذلك أدعو أهورا مزدا، لعل أهورا مزدا يمنحني ذلك.
أيها الإنسان، هذا أمر أهورا مزدا لك: لا تظن سوءا، لا تحد الطريق السوي، لا ترتكب إثما.
अज्ञात पृष्ठ
وأما الأبستاق - الكتاب المقدس - فتدل الروايات الزردشتية وغيرها على أنها كانت إلى عصر الساسانيين واحدا وعشرين كتابا أو نسكا، وفي بعض الكتب الفهلوية أن هذه الأنساك كانت بقية من الأبستاق الكبرى التي كتب بماء الذهب على رقوق الثيران وحفظت في مدينة إصطخر حتى دمرها إسكندر.
والواحد والعشرون نسكا كانت مقسمة إلى ثلاثة أجزاء متساوية: (1)
في العقائد والعبادات (كاسانيك). (2)
في المعاملات (داتيك). (3)
في الفلسفة والعلوم (هتاك ما نزريك).
وبأيدينا الآن قطع من السبعة الأولى، ومن السبعة الثانية، نسك كامل هو كتاب وندداد وقطع من غيره، وضاعت السبعة الثالثة؛ ولعل هذا لأنها تحتوي فلسفة لا يحرص الناس عليها حرصهم على العقائد والمعاملات الدينية. ويقدر العلماء أن ما بأيدينا الآن يبلغ ربع الأبستاق كلها كما كانت أيام الساسانيين. وقدر الأستاذ وست أنها 83000 كلمة من 347000، بين العلماء خلاف عظيم في لغة الأبستاق وزمنها وموطنها، خلاف لا يسوغ تبيينه هنا. وحسبنا أن نعرف أنه خلاف يقدم زردشت على المسيح بستمائة سنة أو ستة آلاف، ويجعل وطنه أتربتان (آذربيجان) في ميديا القديمة أقصى الشمال الغربي من إيران أو ينزله بكتريا (بلخ) في أقصى الشرق ... ويجعل لغة الأبستاق ميدية أو بلخية.
والمرجح الآن أن زردشت زرتشترا عاش في القرن السادس قبل المسيح، وأنه من غربي إيران (ميديا) وأن لغة الأبستاق هي اللغة الميدية، وإن كاثا أو المزامير في الأفسنا تتضمن أقوال زردشت نفسه أو أقوال تلاميذه الأولين. ومهما يكن فلغة الكتاب قريبة من الفارسية القديمة ومن السنسكريتية أيضا حتى سماها الذين ظنوا أن زردشت نشأ في الشرق: الفارسية الشرقية، وسموا لغة الآثار: الفارسية الغربية.
والأبستاق الذي بأيدي الناس اليوم يشمل خمسة الأقسام الآتية: (1)
يسنا، وهي أناشيد لتمجيد ملائكة، وأرواح مقدسة، وهي 72 فصلا (هايتي). (2)
وسيرد، وفيها نحو 25 فصلا (كرده)، وهي تشبه يسنا وتعد مكملة لها. (3)
अज्ञात पृष्ठ
وندداد، أي قانون ضد الجن، وهو قانون للمعابد يصف طهارة العابد، وتوبة المذنب، وهو 22 فصلا (فركرد). الأول منها يبين كيف خلق أرمزدد (أهورا مزدا) الأرض الطيبة وكيف خلق أهر من (أنرو مينيوش) الشر إزاء كل خير. (4)
بشت، وهي كذلك أناشيد للملائكة والأرواح المقدسة (الأمشسيندات، والإيزدات) التي يسيطر كل واحد منها على يوم من أيام الشهر يسمى باسمه، وكانت ثلاثين نشيدا بقي منها واحد وعشرون. (5)
الأبستاق الصغير (خرده أفسنا)، وهي أدعية جمعت أيام شابور الثاني (310-379م) بعضها مختار من الأبستاق الكبرى.
والأبستاق كتاب منثور يزعم بعض الباحثين أنه به تظ؟؟؟ منظومة.
وهذه أمثلة من القسم الأدبي الذي يعده بعض الباحثين شعرا وإن لم يعرف نظام الوزن والتقفية فيها.
2
فهذا مثال من الأناشيد المسماه (كاثا) والتي يظن أنها أقدم ما في الأبستاق وأنها من كلام زردشت أو تلاميذه الأولين: «أسألك بالحق يا أهورا؟ أن تعلمني:
من ذلك الذي صار أبا الحق منذ يوم الخلقة الأولى؟
من الذي سير الشمس والنجوم؟
من ذا الذي يملأ القمر حينا ويفرغه حينا؟
अज्ञात पृष्ठ
يا مزدا أريد أن أعلم هذا وأشياء أخرى كثيرة. •••
أسألك يا أهورا بالحق أن تعلمني:
من الذي يحفظ هذه الأرض السفلى؟
ومسك الفلك الأعلى أن يسقط؟
من خالق الماء والعشب؟
من يا مزدا! خالق الخلق الطاهر؟ •••
أسألك بالحق يا أهورا؟ أن تعلمني:
من خالق الضياء النافع والظلام؟
من خالق النوم اللذيذ واليقظة؟
من خالق الصبح والظهر؟
अज्ञात पृष्ठ
والليل الذي يدعو الناس إلى الصلاة؟»
ونجد في غير كاثا من فصول الأبستاق قطعا كذلك تدخل في الأدب، قطعا في وصف الماء الجاري، والسحاب والنجوم ... إلخ.
وما عدا ذلك عقائد وأساطير لا يصبر على قراءتها إلا دارس الدين.
والآثار الفارسية القديمة وكتاب الأبستاق بمعزل عن مقصدنا الذي عهد الكلام له وإنما ذكرنا شيئا عنها وصلا للبحث وإفادة للقارئ.
والأدب الذي يتصل بمقصدنا هو أدب اللغة الفهلوية، وسأجمل الكلام فيه على قدر هذه المقدمة:
وأما الآداب الفهلوية فأغزر مادة، وأوسع موضوعا وأجدر بالعناية، لأن اللغة الفهلوية لا تختلف كثيرا عن الفارسية الحديثة إلا في الخط، ولأن الكتب الفهلوية، بما ضمنت من حقائق وأباطيل، أثرت كثيرا في الآداب الفارسية الحديثة ولم تخل من أثر في الآداب العربية.
لدينا من الآثار الفهلوية نقود لأواخر ملوك الطوائف، وللساسانيين، وللخلفاء والولاة المسلمين إلى أن سك عبد الملك بن مروان السكة الإسلامية.
ولدينا من الآثار أنصاب تاريخية أقدمها أنصاب أردشير (أرتخشتر وشاهيهر) وأحدثها نقوش لبعض البارسيين في جهات بمباي في القرن الخامس الهجري وبينها آثار أخرى.
ولدينا كذلك كتب عديدة يبتدئ تاريخها مع الساسانيين (القرن الثالث الميلادي) ويستمر إلى الفتح الإسلامي، وتلحق بها كتب قليلة ألفت في العهد الإسلامي فإن علماء الزردشتين لم ينقطعوا عن الكتابة بالفهلوية حتى اليوم. فكتاب كحبستك أبالش نامك مثلا يصف مناظرة بين زردشي ورجل من المانوية في حضرة الخليفة المأمون وكتاب بتدهشن يظن أن تأليفه لم يكمل إلا في القرن الخامس الهجري أو السادس. ويمكن أن يقال مع هذا: إن الفهلوية أنتجت قليلا في القرنين الأولين بعد الهجرة ثم عقمت.
ويحسن أن تقسم الكتب الفهلوية على النسق الآتي تيسيرا للقارئ: (1)
अज्ञात पृष्ठ
تراجم الأبستاق وما يتصل بها، وهي نحو سبعين كتابا وقطعة من كتاب وليست فهلوية خالصة في أسلوبها لأنها تساير أسلوب الأبستاق. (2)
وكتب دينية أخرى تزيد على الخمسين قدرها بعض الباحثين بنحو 446 ألف كلمة، ومن هذه الكتب: (أ)
دينكرت، وهو في تاريخ دين زردشت وعقائده وفرائضه، كتب في القرن الثالث الهجري. (ب)
شكند كمانيك فجار (بيان ينفي الشك) وهو للدفاع عن مثنوية الدين الزردشتي ضد عقائد اليهود والنصارى والمانوية والمسلمين، وهو أقرب هذه الكتب إلى البحث الفلسفي.
وقد انتهى تأليفه في القرن الثالث الهجري أيضا. (ج)
ديناي مينيو خرد (آراء روح الحكمة) وفيه جواب اثنين وستين سؤالا في دين زردشت طبعت منه النسخة الفهلوية والبازندية، ونشر الأستاذ وست ترجمته الإنكليزية. (د)
أردفيراف نامك - وهو كتاب يشبه قصة دانتي الشاعر الإيطالي يصف الفوضى التي أعقبت غارة إسكندر، والتجدد الديني والقومي الذي قارن قيام الدولة الساسانية وعقيدة الزردشتيين في الحياة الآخرة. (3)
والقسم الثالث من الكتب الفهلوية، وهو أقلها عددا وألصقها بالأدب والتاريخ، الكتب غير الدينية وتعد من أسس الآداب الفارسية الحديثة. وهي أحد عشر كتابا فيها زهاء 14 ألف كلمة وأعظمها: (أ)
قانون اجتماعي للزردشتيين في العهد الساساني. (ب)
باتكاير زريران: ويسمى شاهنامة كشتاسب أو الشاهنامة الفهلوية، وموضوعه الحرب التي ثارت بين كتشتاب ملك إيران وأرجاشب ملك توران حين قبل الأول دين زردشت ودعاه الثاني إلى رفضه فأبى. وهي إحدى قصص الشاهنامة وأقدم قصة حماسية فهلوية. ويرى نلدكه أن هذا الكتاب ألف في القرن الخامس م. (ج)
अज्ञात पृष्ठ
قصة خسرو كواتان وغلامه (أي كسرى بن قباد وهو أنوشروان). (د)
تاريخ أدشير المسمى كارنامك ارتخشتر بابكان ويذكر في الكتب العربية باسم الكارنامج، ويظن نلدكه أنه كتب نحو سنة 600م وهذه الكتب الثلاثة هي بقية القصص التاريخية في العهد الساساني ومن أعظم مصادر شاهنامة الفردوسي.
الباب الأول
الفرس والأمم السامية قبل الإسلام
الآن بعد إلقاء هذه النظرة العجلى على الآداب الفارسية قبل الإسلام يمكن أن نتساءل: هل كانت بين الآداب الفارسية والآداب السامية عامة والعربية خاصة أية علاقة؟
والجواب أن التاريخ لم يوضح جوانب هذه العصور كلها ويرى شبيجل
Spiegel
أن تأثير الساميين في إيران يرجع إلى ألف سنة قبل الميلاد، وهو تأثير واضح في عقائد وأساطير سامية الأصل. ونحن على قلة ما نعرف من أحوال تلك العصور نتبين علاقة بين الإيرانيين وبين الآشوريين الذين جاوروهم وحكموا بعض بلادهم عدة قرون، هذه العلاقة التي لم يكن منها بد بحكم الجوار والسلطان ظهر بعض آثارها في اتخاذ الكيانيين اللغة الآشورية لتدوين مآثرهم، فإن نقوش الكيانيين مكتوبة بثلاث لغات إحداها الآشورية.
وكلما سطع ضوء التاريخ على حادثات تلك العصور زادت العلاقة بين الإيرانيين والساميين وضوحا، ففي أواخر عصر الأشكانيين وأوائل العصر الساساني يظهر أثر اللغة الآرامية.
ونحن نجد الآثار الفهلوية، مكتوبة بلغة أقرب إلى الآرامية منها إلى الفارسية، وإن الإنسان ليعجب حين يسمع أن الآرامية في فهلوية الأنصاب أكثر من العربية في الفارسية الحديثة، وأن علامات الجمع والضمائر وأسماء الإشارة والاستفهام والموصولات والأعداد من 1 إلى 10 وأشهر الأفعال، والأفعال المكملة مثل فعل الكون والذهاب والإدارة والأكل، والظروف، وحروف الجر والعطف كلها من أصل سامي، وليس من الإيراني فيها إلا نهايات الأفعال والضمائر التي في أواخر الكلام، ولكن لذلك تفسير يذهب العجب بعجب آخر: ذلك أن الساسانيين كتبوا لغتهم بكلمات سامية منعا للبس فأخذوا كلمات كثيرة من الآرامية مع مقطع فارسي مثلا فيركبون، يكتبون مع (تن) وهي نهاية المصادر الفارسية فيرسمونها يكتبونتن بدل نوشتن (الكتابة).
अज्ञात पृष्ठ
وقد أشار إلى ذلك صاحب الفهرست حين عد سبعة أنواع من الكتابة استعملها الفرس قبل الإسلام، ثم قال إن عندهم هجاء يسمى زوارشن (هزفارش) لتمييز الكلمات المبهمة، وأنهم كانوا إذا أرادوا أن يكتبوا كوشت مثلا وهو اللحم كتبوا الكلمة السامية بسرا ولكنهم يقرءونها كوشت، وإذا أرادوا نان (خبز) كتبوا لهما وقرءوها نان وهكذا.
ومن أجل هذا اختفت الكلمات الآرامية حين كتب الفهلوية بخط بازن عند الزردشتيين أو باللغة العربية.
ومهما يكن من أمر الخط الفهلوي المبهم العجيب فهو يدل على أن كتاب الفهلوية كانوا يعرفون الآرامية. وحسبنا هذا دليلا على مقدار العلاقة بين الإيرانيين والساميين في ذلك العصر.
وأما العلاقة بين الفرس والعرب خاصة فإجمالها في الصفحات الآتية.
الفصل الأول
العرب والفرس قبل الإسلام
سأجمل في هذا الفصل ما يعرفه التاريخ وترويه الأساطير من الصلات بين العرب والفرس قبل الإسلام، عسى أن يكشف البحث عن صلات أخرى بين الأمتين، أو يبين عن حقائق تفسر بعض هذه الأساطير، ويمكن تقسيم الروايات إلى قسمين: ما قبل العهد الساساني وهي أساطير، وما بعده وهي تاريخ أو قريب من التاريخ.
قبل عهد الساسانيين
تتفق الكتب العربية والفارسية على بعض الأساطير، وأعظم مصادرها كتاب الشاهنامة للفردوسي، ومنها «أسطورة الضحاك»، وإجمالها أن الضحاك هذا كان أميرا عربيا من أمراء اليمن اسمه مرداس، تمثل له الشيطان في صورة شاب صبيح، وزين له قتل أبيه فقتله، ثم تمثل له في صورة طباخ وأعلمه أنه حاذق في تجويد الأطعمة، خبير بأصنافها، فاتخذه الضحاك طباخا له فطبخ له اللحم، وكان الناس من قبل لا يأكلونه، فاستطاب الضحاك ألوان اللحم التي قدمها له طباخه فقربه وركن إليه.
1
अज्ञात पृष्ठ
ثم سأل الطباخ سيده أن يأذن له في تقبيل كتفيه، فقبلهما ثم ساخ في الأرض فلم يعرف أثره، ونبت على منكبي الضحاك سلعتان كأنهما حيتان، فذعر لذلك واستدعى الأطباء فلم يهتدوا في أمرها إلى دواء، وكان الضحاك يحس لهما وجعا، فتمثل الشيطان في صورة طبيب وأشار على الأمير أن يطلي السلعتين بأدمغة البشر، ففعل وسكن الألم، فدأب على ذلك لا يستريح إلا أن يقتل بعض الناس فيدهن بدماغهم حيتيه.
وكان جمشيد ملك الفرس قد عتا وتجبر وادعى الألوهية، ففزع الفرس إلى الضحاك يستغيثونه، فسار إليهم في جند كثيف وتعقب جمشيد حتى قتله. ثم تسلط على بلاد الفرس وسام الناس ألوان العذاب حتى ثار به جاوه الحداد (كاوه آهنگر) ودعا الناس إلى تمليك أفريدون.
وحارب أفريدون الضحاك فهزمه، ثم أخذه فقيده وسجنه على جبال دماوند،
2
ويقال إن جاوه الحداد حينما أزمع الثورة أخذ الجلدة التي كان يضعها على حجره حين طرق الحديد فعلقها في عصا وجعلها علم الثورة، واتخذها الفرس من بعد لواء مقدسا سموه «العلم الجاوي» (درفش كاوياني).
وإذا نظرنا إلى تواريخ الشاهنامة وجدنا الضحاك يتملك على إيران قبل الميلاد بألفين وثمانمائة سنة، وذلك يوافق عهد الدولة البابلية. فإن كان وراء هذه الأسطورة حقيقة فهي تسلط الساميين على إيران. ويؤيد هذا أن كتاب الأبستاق يجعل مقر الضحاك مدينة بوري وهي بابل، وكذلك نجد في نزهة القلوب للقزويني أن بابل كانت مستقر الضحاك ونمروذ وقد أشار إلى قصة الضحاك أبو تمام إذ قال:
ما نال ما قد نال فرعون ولا
هامان في الدنيا ولا قارون
بل كان كالضحاك في سطواته
بالعالمين وأنت أفريدون
अज्ञात पृष्ठ
وافتخر أبو نواس بالضحاك في قصيدته التي يفخر فيها بقومه القحطانيين:
وكان منا الضحاك يعبده
الخابل والجن فى مساريها
وفي الشاهنامة وغيرها من الكتب العربية والفارسية أن أفريدون زوج أبناءه الثلاثة تورا وسلما وإيراج من ثلاث بنات لأحد ملوك اليمن. وأفريدون عند الآريين يشبه نوحا عند الساميين، نسل من أبنائه الثلاثة خلق كثير، فتورا أبو ملوك توران، وإيراج أبو ملوك إيران وسلم أبو ملوك الروم، فالمصاهرة بين أفريدون وملك اليمن تجعل العرب أخوال كل من نسل من بني أفريدون.
وكذلك نجد في الأساطير الفارسية أن مهراب ملك كابل في عهد الملك منوجهر عربي من نسل الضحاك، وإن زال بن سام تزوج بنت مهراب فولدت له رستم بطل أبطال الفرس، فرستم إذن له خئولة في العرب.
ومن الروايات التي هي أقرب إلى التاريخ مما تقدم حرب كيكاوس وملك هاما وران (حمير) وأسر كيكاوس في بلاد اليمن، وتنازع أفرا سباب ملك التورانيين، والعرب على ملك إيران، ثم ذهاب رستم إلى اليمن وتخليص كيكاوس. ويقول أبو نواس في القصيدة التي ذكرتها آنفا:
وقاظ قابوس في سلاسلنا
سنين سبعا وفت لحسابها
وكان كيكاوس، في القرن العاشر قبل الميلاد في حساب الشاهنامة.
وفي بعض الكتب العربية أن ملك اليمن إذ ذاك كان ذا الأذعار بن أبرهة ذي المنار بن الرائش.
अज्ञात पृष्ठ
ومما تقصه الروايات في هذا العهد عهد الكيانيين، الحرب بين دار أب وبين رجل عربي اسمه شعيب بن قتيب. ودار أب هذا هو ، في غالب الظن، دار يوس أخوس (424-404ق.م).
وأما روايات عهد الساسانيين فهي أقرب إلى التاريخ وكثير منها واقعات تاريخية:
في عهد الساسانين
لا يكاد يخلو عهد ملك ساساني من أخبار له مع العرب سلما أو حربا.
ففي عهد أردشير مقيم الدولة الساسانية نرى هجرة قبائل تنوخ من العراق كراهية الخضوع لسلطانه.
وفي عهد سابور الأول (241-272م) نجد قصته مع ملك الحضر وهو الضيزن بن معاوية القضاعي، أو الساطرون كما في بعض الكتب، وذلك أن الضيزن أغار على فارس وأسر أخت سابور أو عمته، فسار سابور إليه وحاصر الحضر حتى استولى عليه، ثم استصلح سابور العرب وأحلهم أرضا بفارس وغيرها.
وفي غارة الضيزن يقول عمرو بن أله من قضاعة:
3
لقيناهم بجمع من علاف
وبالخيل الصلادمة الذكور
अज्ञात पृष्ठ
فلاقت فارس منا نكالا
وقتلنا هرابذ شهرزور
4
دلفنا للأعاجم من بعيد
بجمع ذي التهاب كالسعير
والحضر كان مدينة بالجزيرة الفراتية على أربعين ميلا من دجلة نحو الغرب إزاء تكريت، وعلى مائتي ميل إلى الشمال من بغداد، ولا تزال أطلالها شاهدة بما كان من عظمها ومنعتها.
ويقول الهمذاني في كتاب البلدان: «وكانت مبنية بالحجارة المهندمة بيوتها وسقوفها وأبوابها، وكان فيها ستون برجا كبارا، وبين البرج والآخر تسعة صغار.»
ويقول ياقوت: «فأما في هذا الزمان فلم يبق من الحضر إلا رسم السور وآثار تدل على عظمه وجلاله.»
أقول: ولا تزال الآثار ماثلة اليوم دالة على عظمة هذا الحصن الماضية، وروى التاريخ أن الإمبراطورين تراجان وسفريوس حاصراه فلم يقدرا عليه، والشاهنامة تجعل الواقعة في زمن سابور ذي الأكتاف وتخلط بعض الحادثات ببعض، وقد روى ياقوت في قصة الحضر شعرا لعدي بن زيد والأعشى، وروى الطبري شعرا لأبي دواد الإيادي.
5
अज्ञात पृष्ठ
ومن أبيات الأعشى:
ألم تر للحضر إذ أهله
بنعمى، وهل خالد من نعم؟
أقام به شاهبور الجنو
د حولين يضرب فيه القدم
ومن ذلك ما وقع بين أذينة ملك تدمر وسابور الأول أيضا: فقد أغار أذينة على جيش سابور وهو راجع مظفرا من حرب فلريان إمبراطور الروم، فانهزم الجيش الفارسي وتعقبه أذينة إلى أسوار المدائن، وقد اغتبط الروم بما فعل أذينة فأثابوه ولقبوه (أغسطس).
ومنه قصة سابور ذي الأكتاف (309-379م):
يروى أن بعض العرب أغار بلاده فحاربهم في خوزستان ثم عبر الخليج إلى البحرين وهجر اليمامة، ثم سار إلى الشمال فحارب بني بكر وغيرهم، وأنزل بعض القبائل غير منازلهم.
أنزل بني تغلب بدارين والخط، وبعض بكر بصحاري كرمان، وبعض عبد القيس وتميم في هجر واليمامة، وبني حنظلة بالصحاري التي بين الأهواز والبصرة.
ويقال إنه سمي ذا الأكتاف لأنه خرق أكتاف الأسارى من العرب ونظمهم في الجبال.
अज्ञात पृष्ठ