فأجابه مبهوتا: لا شيء، لا شيء. - هل علمت أن سلمى نادر ستقترن بابن بلادها السرجنت زيدون؟
فهز أنطونيو كتفه ولعن نفسه باطنا لأنه لم يتمكن من إخفاء غمه واضطرابه، ثم قال وقد تأججت النار فجأة في عينه: هل باشرت العمل؟ عجل به عجل. - سأعجل به يا أنطونيو.
وعاد بترو إلى بيته يضحك ويقول: ما أجمل المعمل الذي تريد نسفه يا كاتالان!
وفي اليوم الثالث بعد هذه المقابلة، مرض ابن كنتي بالحمى، فنذرت أمه النذور للقديسين من أجله وهي تلعن أنطونيو كاتالان وتود أن تنظف الأرض منه، فشاركها زوجها بالصلوات واللعنات، وتجاوزها إلى التأملات؛ تأمل ما حدث لابنه الصغير يوم جاءه كاتالان بطلب من «الجمعية»، وفكر فيما أصابه في يوم كان يعمل ليلبي طلب الجمعية، وها هو ذا اليوم فريسة الحمى طريح الفراش، فسأل كنتي نفسه قائلا: أذلك لأني قلت: يجب أن أبر بوعدي لكاتالان؟ الله ينتقم منك يا كاتالان.
ثم خطر لكنتي خاطر فيه الكفارة عن ذنوبه كلها، فجاء في آخر الأسبوع بعد أن زال الخطر عن صغيره إلى دكان أنطونيو بعلبة مختومة بالشمع الأحمر ودفعها إليه قائلا: هذا آخر عمل أصنعه للجمعية، قد انتهيت من هذا العمل، أفهمت يا كاتالان؟ انتهيت، انتهيت تماما، وإياك أن تفتح العلبة؛ إن في فتحها قضاء الغرض.
فقال كاتالان متهللا: أشكرك يا كنتي، أشكرك ثانيا باسم الجمعية.
وفي ذلك اليوم كانت الأهبة للعروس قائمة في بيت نادر، فلبث أنطونيو في دكانه ينتظر قدوم السرجنت زيدون؛ لأنه لم يشأ أن يخص الفتاة وحدها بغضبه، ولما جاء السرجنت العريس استأجر أنطونيو رسولا وأعطاه العلبة قائلا: خذها بعد نصف ساعة إلى سلمى نادر وسلمها إياها يدا بيد، بعد نصف ساعة؛ ثلاثين دقيقة.
وكان أنطونيو قد باع ثماره وحلواه كلها استعدادا لهذه الساعة السعيدة، فأقفل الدكان وذهب توا إلى محطة سكة الحديد ... ها هنا تنتهي وظيفتنا وتبتدئ وظيفة رجال الشرطة.
لما وصلت العلبة إلى سلمى نادت والدها لتطلعه على ما فيها، وهي تقول: هدية من أنطونيو؛ كنت دائما أقول، ولا أزال أقول: هو رجل طيب القلب.
على أن والدها عندما همت بفتح العلبة وقفها قائلا: هؤلاء الطليان شياطين؛ قد يكون فيها ديناميت، أنا أفتحها خارج البيت.
अज्ञात पृष्ठ