सिद्दीका बिंत सिद्दीक

अब्बास महमूद अल-अक्काद d. 1383 AH
52

सिद्दीका बिंत सिद्दीक

الصديقة بنت الصديق

शैलियों

فأقامت حيث هي وظنت أنهم سيرجعون إليها لا محالة إذا أحسوا غيبتها.

وكان صفوان بن المعطل على ساقة الجيش، يتخلف عنه ليلتقط ما يسقط من المتاع، وربما كان النبي عليه السلام يعهد إليه في ذلك؛ لأنه كان ثقيل النوم فلا يستيقظ حتى يأخذ الجيش في المسير، وقد شكته امرأته إلى النبي لأنه ينام ولا يصلي الصبح قبل طلوع الشمس.

فكان عليه السلام يعلم ذلك منه، ويقول له: إذا استيقظت فصل!

وقد يحسن هنا أن نوجه شكوى امرأته إلى بعض معانيها، كأنها أرادت بثقل النوم كناية عن أمر آخر لا تفصح عنه؛ إذ قيل عن صفوان هذا إنه كان «حصورا» لا يأتي النساء، وسمع وهو يقسم بعد حديث الإفك أنه ما كشف عن كتف امرأة قط.

فلما نهض صفوان ليتبع الجيش في ساقته، رأى سوادا على البعد، ثم عرف السيدة عائشة فجعل يسترجع ويعيد استرجاعه: «إنا لله وإنا إليه راجعون، إنا لله وإنا إليه راجعون ...» كأنه ينبهها بالاسترجاع؛ لأنه يتهيب التحدث إليها. ثم قرب البعير وقال: «أمه، قومي فاركبي.» وأخذ بزمام البعير يقوده، حتى أدرك الجيش في نحر الظهيرة.

حدث هذا وابن سلول لم يفرغ من دسيسته الأولى، التي أزعجت الجيش وأوقعت الاضطراب في حركاته ومواعيد رحيله ومبيته، فسنحت له فرصة للقيل والقال، لا يضيعها الرجل الذي عز عليه أن تنقضي مشاجرة بين أجيرين على الماء، دون أن يثير فيها تلك الثائرة الهوجاء، وراح يقول: «والله ما نجت منه ولا نجا منها.» وأطلق لسانه في حديث الإفك على الطريق وبعد العودة إلى المدينة، عسى أن يوقع بين النبي وأقرب الأصدقاء إليه أبي بكر الصديق، أو يفلح في تشكيك المسلمين في كرامة نبيهم، أو يقيم بين قومه الخزرج وسائر المسلمين شغبا يقعون فيه عصبية له وأنفة من هوانه، فينتقض أمر الإسلام من أوس وخزرج وأنصار ومهاجرين.

قالت السيدة عائشة في بعض ما روي عنها: «وقدمنا المدينة فاشتكيت شهرا، والناس يفيضون في قول أصحاب الإفك، ووصل الخبر إلى النبي وإلى أبوي، ولا أشعر بشيء من ذلك، وكان يريبني أني لا أعرف من رسول الله

صلى الله عليه وسلم

اللطف الذي كنت أرى منه حين أشتكي، إنما يدخل علي فيسلم وعندي أمي تمرضني، ثم يقول: كيف تيكم؟ ثم ينصرف، فذاك الذي يريبني، حتى خرجت بعدما نقهت فخرجت معي أم مسطح، وهي بنت خالة أبي بكر ... وعثرت أم مسطح في مرطها، فقالت: تعس مسطح! قلت لها: بئس ما قلت: أتسبين رجلا شهد بدرا؟ قالت: يا هنتاه! أولم تسمعي ما قال؟ قلت: وما قال؟ فأخبرتني بحديث أهل الإفك، فازددت مرضا على مرضي، ورجعت إلى بيتي فمكثت تلك الليلة، حتى أصبحت لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم. ثم دخل رسول الله وقال بعد أن سلم: كيف تيكم؟ فاستأذنته أن آتي بيت أبوي، وأنا أريد أن أتثبت الخبر من قبلهما، فأذن لي رسول الله

صلى الله عليه وسلم ، فجئت أبوي ودخلت الدار، فوجدت أم رومان في السفل، وأبا بكر فوق يقرأ، فقالت أمي: ما جاء بك؟ قلت لأمي: يغفر الله لك، تحدث الناس بما تحدثوا به، ولا تذكرين لي من ذلك شيئا؟ قالت: يا بنية! هوني عليك، فوالله لقلما كانت امرأة قط وضيئة عند رجل يحبها، ولها ضرائر، إلا أكثرن عليها ... فاستعبرت وبكيت، فسمع أبو بكر صوتي فنزل فقال لأمي: ما شأنها؟ فقالت: بلغها الذي ذكر من شأنها. ففاضت عيناه، وبكيت تلك الليلة والليلة التي بعدها، وأبواي عندي يظنان أن البكاء فالق كبدي ... فبينما نحن على ذلك، دخل علينا رسول الله فسلم، ثم جلس وتشهد وقال: أما بعد، يا عائشة، فإنه قد بلغني عنك كذا وكذا، فإن كنت بريئة فسيبرئك الله، وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي، فإن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب إلى الله تعالى تاب الله عليه ... فلما قضى رسول الله

अज्ञात पृष्ठ