साम्यवाद और मानवता इस्लाम कानून में
الشيوعية والإنسانية في شريعة الإسلام
शैलियों
إن صحت هذه العبارة في مذهب من المذاهب، فهي أصح ما تكون في مذهب «كارل ماركس» عن دوافع الإصلاح.
إن المشاهد في الواقع، والمعقول في التفكير المستقيم، أن الأسباب المادية لا تغير حالة من حالات البشر إلا إذا تحولت إلى أسباب نفسية يشعرون بها، فإن الفقير الذي لا يعلم أنه فقير لا يفكر في تغيير حاله ولا ينساق إلى عمل شعوري أو غير شعوري لتغيير تلك الحال، وكذلك الفقير الذي يعلم أنه فقير، ولكنه لا يكترث لما به ولا يبالي أن يغيره أو يتطلع إلى تغييره.
أما مذهب «كارل ماركس» فهو يقلب هذه الحقيقة رأسا على عقب ويقيمها على رأسها بدلا من قدميها، فيقول: إن الأسباب النفسية لا تغير حالة من حالات البشر إلا إذا تحولت إلى أسباب مادية. ثم يضطرب في بيان هذه الأسباب المادية اضطرابا يترنح به بين النقيضين، مع أن المذهب كله قائم على أساس هذه الأسباب.
وتاريخ القرن التاسع عشر الذي ولد فيه «كارل ماركس» أسبق التواريخ إلى نقض مذهبه والإبانة عن خلطه واضطرابه؛ لأنه أسبق التواريخ إلى إثبات أثر الحالات النفسية في حركات الإصلاح أو حركات الثورة والانقلاب.
كانت في القرن التاسع عشر - في القارة الأوربية - شكايات كثيرة قاسية، شرحها مؤرخوه ومصلحوه ولا يزال المؤرخون والمصلحون يشرحونها إلى اليوم، ولم يحاول أحد قط أن يتجاهلها ويداريها أو يخفف من سوئها ولا من استياء المستائين منها. بل الواقع أنها لقيت من أهل القرن عناية لم تلقها شكايات القرون الغابرة من أبنائها، فنشط المصلحون للبحث في عللها ووسائل علاجها، وظهر من مذاهب الإصلاح في مدى خمسين سنة أضعاف ما ظهر من هذه المذاهب في القرون الأولى، وكانت كلها في المذاهب القائمة على القواعد الاشتراكية وقواعد المساواة بين الآحاد والطوائف والطبقات.
والقرون الأولى - مع هذا - لم تكن خالية من شكاياتها الكثيرة القاسية، بل كان كل قرن منها له كفايته وفوق كفايته من الشكايات الكثيرة القاسية، ولو رجعنا القهقرى من القرن التاسع عشر إلى القرن الأول للميلاد، لوجدنا في كل فترة من فترات هذا الزمن حادثا بارزا من كبريات الحوادث التاريخية يترجم عن شكاياته ومساوئ أحواله، فلا نرجع قليلا من القرن التاسع عشر حتى يصادفنا عصر الثورة الفرنسية وقبله عصر الهجرة إلى أمريكا والبلاد الشرقية، وقبله عصر الإصلاح والأزمات الدينية العلمية، وقبله عصر الحروب الصليبية، وقبله عصر الظلمات في القرون الوسطى وأوبئتها ومنازعاتها وأزماتها، وقبله عصر انحلال الدولة الرومانية، وقبله عصور أخرى لا تنقطع فيها الشكايات الكثيرة القاسية ولا الحوادث الكبرى التي تترجم عنها.
والشكاية الحاطمة - وهي شكاية الفقر - لم تكن من طوارئ القرن التاسع عشر على القارة الأوربية، فإن الأوربي في القرن التاسع عشر كان أقل فقرا من أسلافه قبل قرن واحد وقبل عدة قرون، وكان أقرب إلى الكفاية في المعيشة من أولئك الأسلاف، ولكنه كان أقوى شكاية، وأنشط حركة في طلب التبديل والارتقاء ممن كانوا قبله أسوأ حالا وأفقر يدا، وأدنى إلى الحرمان وأبعد من الكفاية.
وسبب ذلك أن الأوربي في القرن التاسع عشر، كان أعرف من أسلافه بحقوقه، وأشد شعورا بالحرمان من أولئك الذين سبقوه وزادوا عليه في مضانك الحرمان.
هذا هو الباعث المهم إلى ثورات الإصلاح في القرن التاسع عشر، وهو الباعث الذي نلمحه من النظرة الأولى ثم نتبينه من النظرات الطويلة المتوالية، بعد إنعام التأمل والدراسة، فلم تكن الثورة في طلب الإصلاح على قدر التقدم في أدوار الصناعة الكبرى، كما يريد «كارل ماركس» أن يقرر في مذهبه، بل كانت على قدر الحاجة إلى الحرية والاعتراف بحقوق المساواة. «ماركس» نفسه شاهد من الشواهد المطبقة على صحة هذا السبب، فإنه هو وزملاؤه من الألمان دعاة المذاهب الاشتراكية قد نشئوا في بلاد متوسطة بين عصر الإقطاع وعصر الصناعة الكبرى، وقد نشأ دعاة الثورة الروسية المعاصرون له في بلاد لم تخرج بعد من عصر الإقطاع، ولم تكن لها صناعة كبرى تذكر بين أقطار الصناعة.
أما البلاد التي تقدمت في الصناعة الكبرى، كالبلاد الإنجليزية، فهي التي قلت فيها الدعوة إلى الثورة، وعظمت فيها الدعوة إلى الإصلاح عن طريق الوسائل الدستورية، وهي البلاد التي أخرجت دعوة الفابيين
अज्ञात पृष्ठ