साम्यवाद और मानवता इस्लाम कानून में
الشيوعية والإنسانية في شريعة الإسلام
शैलियों
إن واضعي القيم الأخلاقية المطلقة مجانين أو دجالون، وإنه في عصره لا يعرف مقياسا واحدا للقيم الأخلاقية؛ لأنه يرى حوله ثلاثة مقاييس: مقياس المسيحية من بقايا عصر الفرسان وعصر العقيدة الأولى، وقد تفرع إلى شعبتين: شعبة الكثلكة وشعبة البروتستانت، ومقياس البرجوازية ومقياس الطبقة الأخيرة أو البرولتارية أو الصعاليك، وإن هذه المقاييس إذا اتفقت على بعض المحامد والعيوب، فذلك من الطبيعي الذي لا غرابة فيه؛ لأنها تطورت في عصور التاريخ ومرت بأدوار متشابهة في العهود الاقتصادية.
ومثل هذا الكلام الذي يقوله الماديون عن الأخلاق يجوز أن يقال عن ذوق الجمال وذوق الطعام وسائر الأذواق، فليس بين الناس مقياس متفق عليه لذوق الجمال ولا مقياس متفق عليه لذوق الطعام، ولكننا لا نلغي من أجل ذلك وجود الكائن الإنساني، ولا نبطل وجود إنسان له شعور يتذوق الجمال، أو يتذوق الطعام إلا أن يكون عضوا في طبقة. ومن الجائز كثيرا أن يوجد أناس يسيغون ما لا يساغ، أو يشمئزون مما يسيغه غيرهم، ولا يمنع هذا أن نقول: إنهم مصيبون أو مخطئون بالقياس إلى الذوق العام كما نشعر به أو نتخيله، ومن قال بالتقدم - كما يقول الماديون - وجب أن يقول بمقياس عام للأخلاق نحتكم إليه عند المفاضلة بين أخلاق الطبقات وأخلاق العهود، وإلا فلا تقدم ولا تفاضل ولا وسيلة للخروج من حدود هذا العهد الزماني أو تلك الطبقة الاجتماعية. ولا محل لانتقاد البرجوازي، ووصفه - كما وصفه ماركس وإنجلز - بالشر وفقدان الحياة إن لم يكن للخير مقياس غير الخير الذي يرضاه البرجوازيون لخدمة مصالحهم واستبقاء وسائل الإنتاج في أيديهم.
وينكشف الدخل كله في طوايا هؤلاء الماديين حين نذكر أن مذهبهم لا يستلزم هذه النتيجة التي يذهبون إليها. فإنما اللازم من مذهبهم في الأخلاق أن الفرد لا يؤثر في الحوادث العامة بأخلاق الحسنة أو السيئة إلا إذا وافقته الظروف الاجتماعية. والمسافة بعيدة بين القول بهذا وبين القول بأن أخلاق الكائن الإنساني لا توجد عند الجميع ولا يدين بها الفرد في كل طبقة، فالقول بأن أخلاق الفرد لا تغير المجتمع معناه أن هذه الأخلاق توجد، ولكنها لا تقوى على تغيير الأحوال الاجتماعية، وهذا هو الرأي الذي يطرد مع آرائهم جميعا، ويوافق قولهم ببقاء التقاليد الموروثة من العهود الماضية، ويوافق قولهم الصريح بالتقدم على أي نحو من الأنحاء ولأية علة من العلل، سواء كانت من علل الاقتصاد أو علل الحياة، ولا مفر من التسليم في الأخلاق بالعامل النوعي الذي يعترف بوجود الكائن الإنساني في كل طبقة، ولا مفر كذلك من التسليم في الأخلاق بالعامل الفردي الذي يتمايز فيه الأفراد بضابط الإرادة والقدرة على مقاومة الشهوات، أو فقدان هذه القدرة لاختلال في التكوين يحسب من خصائص البنية أو خصائص التركيب.
ولا مفر على الحالين من التسليم بالمقياس الذي نثوب إليه عند المقارنة بين مجتمعات شتى في أزمنة متباعدة أو متقاربة، فإن مذهب الماديين في جميع آرائه وقضاياه لا يدحض هذه الحقيقة ولا يوجب إدحاضها.
فلماذا إذن هذا التشبث بمحو الشعور الإنساني وحصر الشعور كله في الطبقة؟ ولماذا هذا التشبث بطبقة واحدة هي طبقة الصعاليك أو الطبقة التي يئول إليها التاريخ مجردا من الطبقات؟
من جانب الفكر لا موجب لذلك التشبث، ولا حجة له من آراء الماديين والشيوعيين بله المعارضين والمناقضين.
وأما من جهة الظاهرة النفسية المريضة، فليس في الدنيا منفس إبرة يصرف عنه الضمائر المبتلاة بداء النقمة والبغضاء، لا منفس لهذه الضمائر غير إلغاء النوع والإيمان بالطبقة الأخيرة.
وأية طبقة؟
الطبقة التي لا تحسد ولا يحقد عليها، وما من كاشف للدخل في أطواء تلك الضمائر كهذه الظاهرة الكاشفة عما يفعله الحقد والحسد بالماديين «خدام الإنسانية!» فلو استطاع عازل الحقد والحسد هنا أن يعزل عقولهم وضمائرهم لكان موقفهم من الطبقة الأخيرة كموقفهم من غيرها، ولكنها تستثنى من الحفيظة الكامنة في تلك الضمائر المريضة؛ لأنهم لا يحسدونها ولا يحقدون عليها.
وهذا هو التفسير الأخير لكل رأي وكل تقدير، بعد كل تفسير وقبل كل تفسير.
अज्ञात पृष्ठ