ثانيا: أسباب هذه المعاني 1-حضور القلب: إن سببه الهمة، فإن قلبك تابع لهمك، فلا يحضر إلا فيما يهمك، ومهما أهمك أمر حضر القلب شاء أم أبى، فهو مجبول عليه ومسخر فيه، فالقلب إذا لم يحضر في الصلاة لم يكن متعطلا بل كان حاضرا فيما الهمة مصروفة إليه من أمور الدنيا؛ فلا حيلة ولا علاج لإحضار القلب إلا بصرف الهمة إلى الصلاة، والهمة لا تنصرف إليها ما لم يتبين أن الغرض المطلوب منوط بها، وذلك هو الإيمان والتصديق بأن الآخرة خير وأبقى وأن الصلاة وسيلة إلى الآخرة، فإذا أضيف هذا إلى حقيقة العلم بحقارة الدنيا حصل من مجموعها حضور القلب في الصلاة، فاجتهد في تقوية الإيمان.
2-التفهم لمعنى الكلام: إن سببه بعد حضور القلب إدمان الفكر وصرف الذهن إلى إدراك المعنى؛ وعلاجه هو-مع علاج إحضار القلب-التشمر لدفع الخواطر الشاغلة بالنزوع عن تلك الأسباب التي تنجذب الخواطر إليها، فمن أحب شيئا أكثر ذكره، فذكر المحبوب يهجم على القلب بالضرورة، فلذلك ترى أن من أحب غير الله لا تصفو له صلاة عن الخواطر.
3-التعظيم: حالة للقلب تتولد فيه من معرفتين:
-إحداهما: معرفة جلال الله - عز وجل - وعظمته.
-والثانية: معرفة حقارة النفس وخستها وكونها عبدا مسخرا لله.
وما لم تمتزج معرفة حقارة النفس بمعرفة جلال الرب لا تنتظم حالة التعظيم والخشوع.
4-الهيبة والخوف: حالة للنفس تتولد من المعرفة بقدرة الله تعالى وسطوته ونفوذ مشيئته فيه مع قلة المبالاة به.
وبالجملة كلما ازداد العلم بالله تعالى ازدادت الخشية والهيبة.
5-الرجاء: سببه معرفة لطف الله - عز وجل - وكرمه ومعرفة صدقه في وعده الجنة بالصلاة، فإذا حصل اليقين بوعده والمعرفة بلطفه انبعث من مجموعهما الرجاء لا محالة.
पृष्ठ 3