शहीद तआस्सुब
شهداء التعصب: رواية تاريخية وقعت أكثر حوادثها في فرنسا على عهد فرنسوا الثاني ملك فرنسا المتوفى سنة ١٥٦٠م
शैलियों
فأطرقت كاترين تفكر، وقد أدركت أنها بوجودها في السجن حالت دون نجاة ذلك الفيكونت السيئ الحظ، وأنه بذل حريته فداء عن حريتها، فأثر فيها ذلك البرهان بمقدار ما يؤثر في تلك المرأة برهان مثله، وهي لم تكن تهوي شيئا مثل القدرة والسلطان.
ثم قالت: كيف قدمت إلى هنا يا مسيو جاليو دي نرساك بعدما غادرتك متوجها إلى غاسقونيا؟
أجاب: لقد رجعت يا سيدتي مع صديقي ترولوس كونت دي مزغونة، وهو أشجع رجل في الدنيا، وكاد يقتلني ليحصل مني على التصويرة التي أذنت لي بأخذها منك.
فاصفر وجه ترولوس، وقال: هذا صحيح. فقالت كاترين: وماذا جرى لرسالتي؟ فأجابها: لقد أوصلتها إلى الأمير. قالت: ورسالة الآنسة دي ليمول؟ أجاب: أوصلتها إليه كذلك. قالت: ولماذا بقي الأمير في غاسقونيا؟ أجاب: لأنه في حاجة إلى معرفة ما ينويه أشراف هذه البلاد قبل أن يدخل البلاط. قالت: ألأجل ذلك أرسل لاساج؟ أجاب: نعم. قالت: وهو الذي أرسلكما لإنقاذ الفيكونت دي شارتر من الباستيل؟ أجاب: نعم. قالت: إن ابن عمي أمير كوندة صديق وفي يا جاليو، فتقدم وانظر لئلا يكون أمامنا عدو ينوي قطع طريقنا.
فتقدم جاليو بجواده إلى مسافة مائتي خطوة، ثم تركه يتمشى على مهل وهو يفكر في الحوادث التي قضت عليه بإنقاذ الملكة كاترين بدلا من إنقاذ الفيكونت شارتر. أما كاترين فأقبلت على الكونت دي مزغونة تتفرس في وجهه، وقالت له: اذكر أنك طارحتني الحب منذ هنيهة. فأجابها: إني خاطبتك يا مولاتي بما يطفح به فؤادي. قالت: ألا تحسب حسابا للخطر الذي يحيق بمن يهوي ملكة إذا لم يكن أميرا من سلالة لملوك؟ فأجابها: لست أبالي بالخطر والهلاك إذا مت، وأنا قادر على القول إنني عشقت. نعم، أنا أهواك، ونحن الآن وحدنا فلا مانع يمنعني من مخاطبتك كما أشتهي، ولا حائل يحول دون أن أبثك سر فؤادي، ولسوف تهزئين بي متى علمت كيف دخل هواك فؤادي. لقد كانت مع جاليو تصويرة رأيتها، قالت كاترين: إنه اختلسها مني اختلاسا، قال: لقد أعجبتني تلك الصورة ورأيتها جميلة، بل أجمل من كل ما رأيت. فتعشقتك من مجرد النظر إلى الصورة ودون أن أعرف من أنت، ولم أدر أنها صورة الملكة كاترين إلا منذ أيام فقط. فبكيت يومئذ وكدت أموت يأسا وغما، وحسبت نفسي مجنونا؛ لأنني تعشقت ملكة يعجب بها ويحبها كل الناس، وإذ بي قد أبصرتك، وخدمتك، وكلمتك. آه يا سيدتي، مريني بأن أموت إذا شئت، ولكن قولي لي إنه ليس في مخاطبتي إياك بهذا الكلام إساءة كبرى، وإنك تصفحين عن اجترائي.
قالت: إني أحب كل فتى جريء أيها الكونت.
وحثت كاترين جوادها فلحقت بجاليو، وبقي ترولوس كالمجنون يقول: إني أسيرك أيتها الملكة، وأسيرك دائما أبدا!
الفصل السابع عشر
العاشق الجديد
قضى فرنسوا دي جيز ساعتين في الباستيل باحثا فيه عن الملكة الوالدة، وعظم استياؤه وحنقه لما لم يجد لها أثرا، وجعل حاكم السجن يقسم أنه لم ير امرأة دخلت الباستيل. أما الفيكونت دي شارتر فقد أهانه، وقال له: أنت شريف غادر. فسخط فرنسوا وأمر بالتضييق على ذلك السجين، وفيما كان راجعا من القلعة قاصدا إلى ناحية باب سن أنطوان وقف أمام جثتي الحارسين، فأمر بدفنهما، واتجه إلى ذلك الباب، فقيل له: إنه قد خرج منه منذ ثلاث ساعات رجلان يصحبان امرأة لابسة ثيابا سوداء. فقال في نفسه: هي الملكة ولا ريب، فمن الذي أخرجها من الباستيل يا ترى؟
अज्ञात पृष्ठ