शहीद तआस्सुब
شهداء التعصب: رواية تاريخية وقعت أكثر حوادثها في فرنسا على عهد فرنسوا الثاني ملك فرنسا المتوفى سنة ١٥٦٠م
शैलियों
وكان برداليان ورجاله بالباب يصرخون، افتح الباب! واستمر ذلك بضع دقائق، ثم انكسر الباب تحت صدمات المهاجمين، فأبصر جاليو جماعة من الرجال قد ملئوا الدهليز، وكان أحدهم يحمل مصباحا فأطلق عليه جاليو النار فخر صريعا، وانطفأ مصباحه معه، وكان جاليو قد لاحظ جهة الباب فطرح عنده كل ما أمكنه طرحه من صحون وزجاجات وكراسي حتى قال برداليان: ما أحسب الذين في داخل هذه الغرفة أقل من عشرين رجلا.
إلا أن جاليو لم يقتنع بفوزه الأول. ففيما كان برداليان نازلا ليعد هجمة ثانية جذب السرير إلى أمام الباب، وكان يأمل بذلك أن يتمكن من طلقة نارية ثانية، إلا أنه لم يكن قد حسب حسابا لمن في الخارج. ففيما كان يسدد غدراته إلى أحد رجال برداليان سمع النافذة وراءه تفتح، فانثنى وأطلق النار على رأس أحد الجنود، وكان قد صعد إلى الشرفة، وسدد إليه الطلق، وهكذا قتل جاليو رجلين، إلا أنه لم يبق له إلا سيفه وخنجره، وفيما كان جاليو يطرح قتيله من الشرفة كان برداليان قد قلب السرير والأمتعة وتقدم إلى عدوه ومعه أربعة رجال، ومعلوم أن البارون تلقى أمرا بألا يقتل جاليو، بل يقبض عليه حيا، وقد ظن جاليو أن ساعته الأخيرة قد دنت، وركع برنابا يصلي في مخبئه. فاستند جاليو إلى الجدار بعدما اجتذب إليه خوانا وكرسيين، وجعل يمد سيفه الطويل إلى الرجال، فلم يجسروا على الدنو منه برغم حرابهم. فاضطر برداليان إلى الهجوم عليه بنفسه قائلا لرفاقه: اهجموا عليه أنتم من جانبيه.
وللحال ناله جاليو بضربة سيف على كتفه اليسرى، وقال له: لقد ظننت أن هذه الكتف تحسد تلك.
فصرخ برداليان من شدة الحنق والكمد، وهجم على عدوه، وقلده رجاله حتى ضايقوا جاليو مضايقة ظن معها أن هلاكه محقق، ومع ذلك فلم يصب إلا بخدوش هشمت ساعديه وكتفيه فتجلد. ثم دنا أحد الجنود رافعا حربته، وإذا بجاليو قد طعنه في عينه بخنجره فارتمى المسكين من غير حراك على الخوان فانقلب معه، وزال حصن كان جاليو يحتمي به. فلما رأى سائر الرجال خلو الساحة تقدموا، فصاح بهم برداليان: لا تقتلوه، وإنما اضربوا ساقيه.
فارتعد جاليو لعلمه بما وراء نجاته من عذاب يلقاه من يد الجلاد، وأشفق برنابا على تلميذه فاضطرب وهو في مخبئه أشد اضطراب، وللحال خطر له خاطر عجيب، فقبض على زجاجة خمر، وخاطبها بقوله: انطلقي أيتها الزجاجة المحبوبة رسولا إلى هؤلاء الرجال المسلحين، فأبلغيهم أن في الخمر منافع للناس، وأطفئي أنوارهم وأنقذي تلميذي العزيز.
ثم صوبها إلى البنادق الثلاث فرماها بالزجاجة، فانصب ما فيها على ذبال البنادق فتقهقر الرجال الثلاثة مذعورين، ولجئوا إلى الباب، فاعترضهم رجل طويل القامة، وقال لهم: إلى الوراء أيها القتلة، يا من لا يستنكفون من مهاجمة شريف واحد وهم عشرة.
ثم قال لجاليو: مهلا أيها البطل إني نصيرك.
وكان جاليو في أشد الاحتياج إلى هذه المساعدة؛ لأنه كاد يفقد حواسه، وتأخر برداليان لينظم القتال تنظيما آخر، فانتهز جاليو هذه الفرصة فتخلص من الرجل الأخير حامل الحربة، وكان نصيره الجديد قد طرح اثنين من حملة البنادق، فبقي برداليان بين سيفين، فلاح له أن أجله قد دنا، وخطر لجاليو أن يرديه قتيلا، إلا أنه أبى أن يقتله ومعه رجل آخر، فقال له: سلم نفسك! أجاب: أبدا! قال: إذن نأخذك أسيرا.
ولم يكن برداليان قادرا على مقاتلة ذينك الرجلين؛ لأن صديق جاليو الجديد كان ماهرا مثله في ضرب السيف، فما لبث أن أصيب بجرح وسقط مغمى عليه، فانثنى الطالب إلى منقذه، وصاح يقول: لست أعرفك يا سيدي، وإنما أعرف أنني لولاك لكنت قتيلا. فحياتي لك واسمي جاليو دي نرساك من رجال أمير دي كوندة.
فأجابه: إن الأمير جندي شجاع، وقد قاتلت تحت إمرته، ويعجبني أنني أسديت يدا إلى واحد من رجاله البواسل، واسمي ترولوس دي مزغونة.
अज्ञात पृष्ठ