शहीद तआस्सुब
شهداء التعصب: رواية تاريخية وقعت أكثر حوادثها في فرنسا على عهد فرنسوا الثاني ملك فرنسا المتوفى سنة ١٥٦٠م
शैलियों
قال: لا ينبغي لنا قتله، ولكن يجب أن نعرف المكان الذي يقصده.
وسار جاليو إلى الفندق والرجلان يتبعانه، فلقي أستاذه برنابا، فقال له: إني بحاجة إلى غرفتك يا أستاذي. - ألا تزال مشغولا بالحسان يا أيها التلميذ الصالح؟ ما أظنك إلا مقتولا ذات يوم بكيدهن. - بل ذات ليلة. - بل ذات ليلة، ولكن ماذا أفعل أنا إذا تركت لك غرفتي؟ - تشرب زجاجة، وتنام. - أأنام على المائدة؟ - بل حيث تشاء، ولكن عجل هذه حبيبتي أقبلت!
وعاد يستقبل مرسلين، فأصعدها السلم قبل أن يتمكن الدوق والبارون من التفرس في وجهها. بل لبث الرجلان يرصدانه في زاوية القاعة حتى نزل هو ومرسلين. وكان برنابا قد تنبه إليها وهو متظاهر بالنوم، فأنذر جاليو وقال له: إن هذين الرجلين جاسوسان فحذار منهما.
فارتعد جاليو خيفة أن يكون أحد الرجلين أفنيل زوج مرسلين. فلما لم يخاطباه اطمأن قلبه، وقال في نفسه: إنهما يرصدان غيري. إلا أنه عقد النية على أن يضلهما في الطريق من الفندق إلى القصر، وأدركت مرسلين مراده فلم تتلفظ بكلمة، وسارا معا، وكان الرجلان يتبعانهما، وتبين لجاليو أنهما لا يتحولان عن اللحاق به، فلم يجد بدا من أن يلجأ إلى أيسر الوسائل، وهي أن يقصد إلى القصر، ويفترق عن مرسلين قبل الوصول إلى بابه، فتدخل وحدها، ثم يدخل وحده كأنما لا أحد يتبعه.
وقال الدوق: أظنه قد وقع بين أيدينا في هذه المرة.
وأوسع الخطى ليدخل القصر وقت دخول جاليو، إلا أن هذا سمع وقع خطى الرجلين وراءه، فما كاد يبلغ فناء القصر حتى اختبأ وراء عمود، وكانت مرسلين قد وصلت إلى مخدعها من غير عائق، وأخذ الدوق وبرداليان يبحثان عن جاليو ويسألان الحراس، فلم يعرفا عنه شيئا، وطافا في فناء القصر مرارا، ثم اتجها إلى السلم، وإذ ذاك ترك جاليو مخبأه، واقتطع قطعة من ردائه، فلف بها حذاءيه لكي لا يسمع لخطاه صوت، وتبع الدوق والبارون برداليان حتى رآهما وقفا بباب أمير كوندة، وأبصر أحدهما يلصق عينه بثقب الباب، وسمعه يغمغم ويقول: لا صوت ولا ضياء، فقد احتال الخبيث علينا ونجا منا.
واستمرا سائرين في الرواق حتى وصلا إلى باب عنده حارسان، فقال الدوق: هل رقد الكردينال؟ فأجابه أحد الحارسين بقوله: كلا يا مولاي. فدخلا غرفة الكردينال، وصبر جاليو وقد سمع قول الحارس «يا مولاي» مخاطبا الدوق، وأبصر الرجل الآخر يرفع يده إلى كتفه متنهدا متوجعا، فعلم أنهما الدوق وبرداليان. وبعد هنيهة رأى الحارسين قد غلبهما النعاس، فلم يتردد، بل مشي ولا صوت يسمع لقدميه لالتفاف حذاءيه بالنسيج حتى وصل إلى الباب فرآه غير موصد بمفتاح، وحمله الفضول على فتحه فسمع صوتا واسم أمير كوندة يتردد في أثناء الحديث، إلا أنه لم يفهم ما يقال. فدخل وأقفل الباب وجعل خنجره بيده، واتجه إلى ستر من القطيفة يفصل بين الإيوان الذي وصل إليه، والحجرة التي صدر منها الصوت، وهنا وقف مرهفا للسمع أذنيه، وكان الدوق وبرداليان يحدثان الكردينال بما رأيا، فقال الكردينال: الراجح أن ذلك الشاب جاسوس للأمير، وأن المرأة التي اجتمع بها في الفندق إحدى وصائف كاترين، وأنها استخدمتها للمراسلة بينها وبين أمير كوندة، والآن شكرا لك يا برداليان فاذهب؛ لأن لي حديثا طويلا مع الدوق. وعند ذلك صاح الدوق بحدة يقول: ما بالك يا أخي، وهل من حاجة بنا إلى برهان آخر يشهد باجترام الأمير؟ الرأي عندي أن نضرب أعداءنا قبل أن يشتد ساعدهم، ويصيروا قادرين علينا فيضربونا. - إن ناظر أختام الدولة والقائد الأكبر لضابط الملكة لا بد أن يكونا من أعدائنا أيضا. - لنضرب أولا ابن عمنا كوندة، أما الآخران فسوف نهتم بهما فيما بعد، ولئن كنت على رأيي دعني أشكوه غدا في مجلس الملك فيدعوه إليه، وإذ ذاك يسهل علينا القبض عليه، ومعلوم أن جميع رجاله مبتعدون الآن عن البلاط. - هذا هو الرأي الصواب. فأنا أنتظر كاترين، وأسبر غور نيتها، ولئن رأيت فيها أقل رغبة في تعضيد الأمير هاجمناه كما تقول. - إلى الغد يا أخي، ومضى الدوق.
وقد تأثر جاليو من سماعه هذا الكلام، وكان من أسرار الدولة وقتئذ، وفيما هو يهم بالانصراف انفتح باب خفي في الجدار فبادر إلى الاختباء مرة ثانية وراء ستر القطيفة. ثم أبصر امرأة، وإذ ذاك قام في سريرته نضال انتهى بقوله لنفسه: إذا انطوى حديث الكردينال مع هذه المرأة على غرام ومطارحة، غادرتهما وشأنهما، وإذا كان فحواه سياسة لبثت أسمع خدمة لمصلحة الأمير، وتلقى الكردينال تلك المرأة بقوله: لقد كنت أخشى ألا تأتي الليلة.
فأجابته: إن في محادثتي لرجل فاضل مثلك سروري الأوفر، ولا سيما إذا شاورتك فيما يعرض لي، ويؤثر في من الأفكار.
فرفع الكردينال صوته، وقال: كنت خائفا ألا تأتي أيتها السيدة؛ لأن أسقف شارتر
अज्ञात पृष्ठ