शहीदों की याद में विज्ञान और परायापन
ذكرى شهداء العلم والغربة
शैलियों
ونهضت الدكتورة الأديبة أمينة محمد فألقت هذه الكلمة الطيبة:
أيتها السيدات الفضليات
ما كاد وادي النيل الخصب ينبت زهرات غضة كانت حلية لجيده حتى جنت يد المقادير جمال تلك الأزاهير، وأصبح ما كان من قبل بهجة وادي النيل مبعث الحزن ومصدر الأسى، كانت تلك الزهرات تتطلب ماء من العلم ومنهلا من العرفان، فوجدت في ذلك الماء ظمأها، وفي المنهل العذب موتها الزؤام. ماتت وهي تسعى وراء حياتها وحياة بلادها، وكيف لا يكون ذلك كذلك والحياة ليست إلا ما يجنيه الإنسان من العلم وما يعلمه في سبيل الإصلاح والخير وفائدة سائر البشر؟
وأزاهر شرقت بما تحيا به
فذوت وأورق شوكها بفؤادي
كانت مصر تهم بأن تكفكف دمعها الذي سال من أجل المصائب التي دهمتها قديما ولكن سرورها لم يتم، إذ إن الفجر الجديد [الذي] بدأ ينتشر منه نور الأمل انطفأ فجأة وجلله الظلام الدامس. مات الذين كانوا ضحكة في فم مصر الحزينة وأملا مشرقا في ظلام اليأس، مات شبانها النجباء وقبلهم مات كامل في ريعان شبابه وفريد بعيدا عن أوطانه وغيرهما، لقد قيل إن قلب مصر لم ينبض إلا من جراء حادثتين: موت مصطفى كامل وكارثة دنشواي، أما اليوم فقد نبض قلب مصر للمرة الثالثة، إذ دهمها الموت في أعز شيء لديها، دهمها في خيرة أولادها وخلاصة نجبائها. تجتاز مصر التعسة اليوم عقبة سياسية كئودا، وهي في حاجة إلى جميع أولادها وكل قواتها لتحمل في سبيل نيل آمالها المنشودة، ولكن القدر لم يشأ أن يتركها تدأب وتجاهد وإنما جعل يخطف منها عاملا بعد عامل ويطفئ أملا بعد أمل كأنه يريد أن يصرفها عن عزمها، ولكن هيهات ذلك! فإن كل جثة تذهب في سبيل إعلاء شأن مصر لا تزيد المصريين إلا تمسكا بمطالبهم واعترافا في سبيل نيل مأربها. إن كل جثة من جثث أولئك الشهداء ستظل تذكارا لكل مصري، تذكار المجاهدة في سبيل سعادة مصر والمصريين، وهيهات أن يغفل مصري عن واجبه ما دام يجد من أولئك الشهداء مذكرا ومنبها. إن المصري لا يحقر شهداءه أو يضيع ما بناه أولئك المجاهدون بدمائهم الزكية الطاهرة. وإنني أطلب من الله أن يلهم مصر والمصريين جميل الصبر عن هذا المصاب الجلل.
وألقت السيدة فردوس بالعباسية كلمة مؤثرة نقتطف منها ما يأتي:
أيتها السيدات المحترمات
علوت منصة الخطابة قبل الآن ولكن شعورا استفزني وعاطفة حدت بي أن أقوم بينكن خطيبة لأعبر عما امتلأ به فؤادي من الأسى والحزن على شهداء العلم. سيداتي العزيزات: كنت أتمنى أن يهبني سبحانه وتعالى ملكة الشعر ويلهمني قريحة وقادة في النثر حتى أوفي هذا المقام حقه من رثاء هؤلاء الأبطال الذين ذهبوا ضحية العلم واستشهدوا في سبيل المدنية والارتقاء.
نعم، إني أتكلم الآن بقلب منفطر يكاد يتمزق، وفؤاد كليم يكاد يلتهب حزنا وولها على هؤلاء البواسل الذين قضوا نحبهم في سبيل العلم المجيد. نعم؛ كنت أود أن أسطر بدمي بدل دمعي مرثية لهؤلاء الشجعان الذين قصفت يد المنون غصن شبابهم الرطب قبل أن يرتشفوا من منهل العلم الراقي الذي فدوه بأنفسهم فطوبى لهم! نعم، همدت أجسامهم ولكن أرواحهم لا تزال ترفرف فوق رءوسنا وتسري مبادئهم مندمجة في دمائنا، فوالله إن أثرهم لخالد وذكرهم باق.
अज्ञात पृष्ठ