शहीदों की याद में विज्ञान और परायापन
ذكرى شهداء العلم والغربة
शैलियों
أن تشابه مناخ تلك الولاية بمناخ مصر يجعل طرق الزراعة في كلتيهما متقاربة إن لم تكن متماثلة تمام التماثل.
لهذين السببين صمم فريد على السفر إلى أمريكا ليتلقى هذا الفن الجميل الذي كان مولعا به ولع محب الطبيعة بالزهور والرياحين والخضرة وما شابه ذلك.
وهنا قامت معضلة أخرى في وجه فريد، فقد ارتفعت قيمة الدولار إلى درجة مدهشة حتى بلغت حينذاك اثنين وثلاثين غرشا صاغا للريال الواحد، ثم تضاعفت أجور السفر، فماذا يعمل فريد أمام إيراده الصغير المحدود؟ مع كل ذلك لم يحفل فريد ولم ينكص إلى الوراء، إذ قد حزم الأمل بين جنبيه حزاما حاميا.
لقد بذل فريد جهدا فوق طاقة شاب أن يقوم به منفردا في الحصول على تصريح للسفر حتى حصل عليه بعد جهاد ثلاثة شهور تقريبا. (10-3) النقطة الفاصلة
في حياة كل إنسان نقطة فاصلة، نقطة الاختيار العظيم، ما أحرج الإنسان في ذلك الحين! وما أشد كربته في أفكاره وخيالاته! ففي ذلك الظرف العصيب ساعة أو دقيقة أو لحظة ... عليه أن يقول قوله النهائي وينطق بكلمته الفاصلة .
وبعد، فإلى القوة أو إلى الضعف، إلى السعادة أو إلى الشقاء، إلى الحياة أو إلى الموت، إنها لأزمة خطيرة يقف فيها الإنسان - مهما كان مقامه - مبهوتا حائرا لا يدري إلى الشرق يتجه أم إلى الغرب، أإلى الشمال أم إلى الجنوب؟
غير أن تلك القوة الصمدانية التي تخترق الظلمات وتنظر من وراء السحاب، التي ترقب أعمال الناس وتسبر العالم بين أزلية من محبة ونار، تلك القوة عينها هي التي تحرك هذا المخلوق الحقير إلى حيث قضائها المحترم وأمرها غير المردود، فما لفظ امرؤ إلا مشيئتها ولا قال إلا إرادتها ولا امتثل إلا لأمرها، وهذا ما جرى لفريد. (10-4) تحول عزمه عن السفر إلى أمريكا
دعوته قبل سفره بثلاثة أيام لسماع محاضرة ألقاها محمود بك عزمي المحامي عن الديمقراطية، خرج فريد من تلك المحاضرة بحالة نفسية جديدة ظننتها في بادئ الأمر ترددا وضعفا فإذا هي وحي أوحي إليه، لست أدري أمن ملك كريم أم من شيطان رجيم أن يحول دفة مسيره إلى ألمانيا لا إلى أمريكا، وقد عزه على ذلك رخص المعيشة في الأولى الذي كانت تذيعه بعض الجرائد حينذاك بشكل بديع خلاب، وكذلك تدفق الشبان في ذاك الحين على ألمانيا تدفقا هائلا.
جميل كل هذا يا فريد، كله نافع ومحبوب، علم واقتصاد، ولكن لم تكن هذه فكرتك الأولى فما الذي طرأ على نفسيتك في اليومين الأخيرين قبل سفرك؟ وأية قوة كانت هي القاضية على عزمك الأسبق؟ لم يكن ذلك لأن هنا انتصارا ووفرا وهنالك إسراف وتبذير، لم يكن ذلك لأن هنا إخوانا كثيرين وأصدقاء عديدين وهنالك لا شريك ولا رفيق، لم يكن ذلك لأن هذه قريبة دانية وتلك بعيدة نائية، كلا، لم يكن شيء من ذلك، بل هو حظك التعس يدعوك إلى حتفك ونهايتك المرة تناديك إلى يوم نحسك. (10-5) وفاته
هكذا كان، وسافر فريد مع إخوانه على ظهر الباخرة حلوان في اليوم الثامن والعشرين من شهر يناير سنة 1920، ولم يمض على سفرهم بضعة أيام حتى جاءنا البرق بذا الخبر المشئوم، وإذا باسم فريد بين قائمة القتلى، فواحر قلباه. (10-6) أخلاقه
अज्ञात पृष्ठ