فلا يستبعد أن يكون الهواء رطبا، وإن كان لا يلتصق؛ إذ الالتصاق ليس لنفس كون الشىء رطبا؛ بل للغلظ. والهواء إذا غلظ، فصار ماء، صار أيضا على صفة الملازمة والالتصاق.
فالكيفيات الملموسة الأولى هى هذه الأربعة:
اثنتان منها فاعلتان، وهما الحرارة والبرودة، ولكونهما فاعلتين ماتحدان بالفعل، بأن يقال إن الحرارة هى التى تفرق بين المختلفات، وتجمع بين المتشكلات، كما تفعله النار. والبرودة هى التى تجمع بين المتشاكلات وغير المتشاكلات كما يفعل الماء. واثنتان منفعلتان وهما الرطوبة واليبوسة. ولكونهما منفعلتين ماتحدان بالانفعال فقط. فيقال إن الرطوبة هى الكيفية التى بها يكون الجسم سهل الانحصار والتشكل بشكل الحاوى الغريب، وسهل الترك له. واليبوسة هى الكيفية التى بها يعسر انحصار الجسم وتشكله من غيره، وبها يعسر تركه لذلك. ولذلك فإن الجسمين الرطبين يسهل اتصالهما مع التماس، ويصعب، أو لا يمكن، تفريقهما عن التماس المحفوظ إلى أن يتفرقا بل عن الاتصال بسهولة جدا. واليابس بالخلاف من ذلك.
فلهذا ما تسمى تانك فاعلتين وهاتان منفعلتين، وإن كان الحار والبارد كل واحد منهما يفعل فى الآخر. كما ينفعل منه. وكذلك كل واحد من الرطب واليابس يفعل فى الآخر ، وينفعل منه. لكنه إذا قيس الحار والبارد إلى الرطب واليابس وجد الرطب واليابس لا يؤثران فيهما، ووجدا يؤثران فى الرطب واليابس، مما نعلمه بعد من حال الحل والعقد وغير ذلك.
पृष्ठ 154