وأما المبتل فهو الذى إنما يرطب برطوبة جسم غيره. وتلك الرطوبة لذلك الجسم أولية. لكن ذلك الجسم قد قارنه، فقيل إنه مبتل، فيصلح أن يخص باسم المبتل ما كان هذا الاسم على ظاهره و يصلح أن يقال على التعميم، حتى يكون المبتل هو كل جسم مترطب رطوبة غريبة.
لكن المنتفع لا يكون منتفعا إلا بأن يكون الرطب الغريب جرى فيه، ونفذ إلى باطنه. فالمنتقع من الوجه الأول كالنوع من المبتل، ومن الوجه الثانى هو مباين له، غير داخل فيه.
وقد يكون الجسم اليابس رطبا أو منتقعا، ولا سواء رطوبة الغصن النضير، ورطوبة الذاوى اليابس النقيع. فان جوهر هذا يابس، وقد نفذ فيه رطب غريب، وذلك جوهره رطب من نفسه، فالجاف بازاء المبتل، كما أن اليابس بإزاء الرطب.
والصلابة واللين أيضا من الكيفيات المزاجية. وذلك أن اللين هو الذى يقبل الغمز إلى باطنه، ويكون له قوام غير سيال ينتقل عن وضعه، ولا يقبل امتداد اللزج ولا يكون له سرعة تفرقه وتشكله. فيكون قبوله الغمز من الرطوبة، وتماسكه من اليبوسة.
وأما الملاسة فمنها ما هو طبيعى؛ ومنها ماهو مكتسب. والطبيعى لازم لكل جسم بسيط، لوجوب إحاطة سطح واحد به تمييز مختلفة الأجزاء فى النتوء، والانخفاض، وبالجملة غير مختلفة الوضع، فلا تختلف به الأجسام البسيطة.
لكن الملاسة قد تعتبر فى طبيعة الأجسام من جهة أخرى. وذلك أن من الأجسام ما يسهل تفريقه على الملاسة حتى يكون تمليسه سهلا على أى تفريق كان. فتكون الفصول التى تقع فيه إما أملس وإما سهل الحركة إلى الملاسة، وهذا يتبع رطوبة جوهر الشىء.
पृष्ठ 152