الفرسية مع تلك الصفة واحدة. كذلك للفرسية مع تلك الصفة صفات أخرى كثيرة داخلة عليها، فالفرسية - بشرط أنها تطابق بحدها أشياء كثيرة - تكون عامة، ولأنها مأخوذة بخواص وأعراض مشار إليها تكون خاصة. فالفرسية في نفسها فرسية فقط. فإن سألنا عن الفرسية لطرفي نقيض، مثلا: هل الفرسية ألف أم ليس بألف؟ لم يكن الجواب إلا بالسلب لأي شيء كان. ليس على أن السلب بعد "من حيث"، بل على أنه قبل "من حيث". أي ليس يجب أن يقال: إن الفرسية من حيث هي فرسية ليست بألف، بل ليست من حيث هي فرسية بألف ولا شيء من الأشياء. فإن طرفا المسألة عن موجبتين لا يخلو منهما شيء، لم يلزم أن نجيب عنهما البتة. وبهذا يفترق حكم الموجبة والسالبة والموجبتين اللتين في قوة النقيضين. وذلك لأن الموجب منهما الذي هو لازم للسالب معناه أنه إذا لم يكن الشيء موصوفا بذلك الموجب الآخر كان موصوفا بهذا الموجب، وليس إذا كان موصوفا به كان ماهيته هو، فإنه ليس إذا كان الإنسان واحدا أو أبيض كانت هوية الإنسانية هي هوية الوحدة أو البياض، أو كانت هوية الإنسانية هي هوية الواحد أو الأبيض. فإذا جعلنا الموضوع في المسألة هوية الإنسانية من حيث هي إنسانية كشيء واحد، وسئل عن طرفي نقيض، فقيل: أواحد هو أم كثير؟ لم يلزم أن يجاب لأنها من حيث هي هوية الإنسانية شيء غير كل واحد منهما، ولا يوجد في حد ذلك الشيء إلا الإنسانية فقط. وأما أنه هل يوصف بأنه واحد أو كثير على أنه وصف يلحقه من خارج، فلا محالة أنه يوصف بذلك، ولكن لا يكون هو ذلك الموصوف من حيث هو إنسانية فقط، فلا يكون من حيث هو إنسانية هو كثيرا بل إنما يكون كأن ذلك شيء يلحقه من خارج. فإذا كان نظرنا إليه من حيث هو إنسانية فقط، فلا يجب أن نشوبه بنظر إلى شيء من خارج يجعل النظر نظرين: نظر إليه بما هو هو، ونظر إلى لواحقه. ومن حيث النظر الواحد الأول لا يكون إلا الإنسانية فقط، فلهذا إن قال قائل: إن الإنسانية التي في زيد من حيث هي إنسانية هل هي غير التي في عمرو؟ فيلزم أن يقول: لا. وليس يلزم من تسليمه هذا أن يقول: فإذن تلك وهي واحدة بالعدد، لأن هذا كان سلبا مطلقا، وعنينا بهذا السلب أن تلك الإنسانية من حيث هي إنسانية هي إنسانية فقط، وكونها غير التي في عمرو شيء من خارج. فإنه إن لم يكن ذلك خارجا عن الإنسانية لزم أن تكون الإنسانية من
पृष्ठ 98