جزء تمت الدائرة. ثم إن كان في سطحها تضريس أيضا من أجزاء، فإن كانت موضوعة في فرج أدخلت تلك الأجزاء الفرج ليسد بها الخلل من السطح كلها، وإن كانت لا تدخل الفرج فالفرج أقل منها في القدر فهي إذن منقسمة إذ الذي يملأ الفرج أقل حجما منها، وما هو كذلك، فهو نفسه منقسم وإن لم يمكن فصله. وإن لم تكن موضوعة في فرج أزيلت من وجه السطح من غير حاجة إليها. فإن قال قائل: إنه إذا طوبق بين الجزء المركزي وبين المحيطي مرة، فليس يمكن التطبيق لا بمماسة ولا بموازاة مع المركزي، والذي بلى ذلك الجزء من المحيط. فإنا نقول له: أرأيت لو أعدمت هذه الأجزاء كلها وبقي الذي في المركز والمحيط؟ أهل كان بينهما استقامة يمكن أن يطبق عليه هذا الخط؟ فإن لم يجوزوا ذلك فقد خرجوا عن البين بنفسه، وأوقعوا أنفسهم في شغل آخر وهو أنه يمكن أن تفرض مواضع مخصوصة فيها تتم هذه الاستقامة في الخلاء الذي لهم، حتى يكون بين جزئين في الخلاء استقامة، وبين جزئين آخرين لا يكون. وهذا شطط ممن يتكلفه ويجوز القول به، فلا ضير، فإنما يبيع عقله بثمن بخس. فإن البديهة أيضا تشهد أن بين كل جزئين تتفق محاذاة لا محالة يملأها الملأ أقصر الملأ، أو أقصر بعد في الملأ. وإن قالوا: إن ذلك يكون، ولكن ما دامت هذه الأجزاء موجودة فلا يكون بينهما هذه المحاذاة، ولا يجوز أن يوازي طرفيها طرفا مستقيم، فهذا أيضا من ذلك. فتكون كأن تلك الأجزاء إن وجدت تغير حكم المحاذاة عن حكمه لو كانت معدومة، وجميع هذا مما لا يشكل على البديهة بطلانه ولا الوهم - الذي هو القانون في الأمور المحسوسة وما يتعلق بها، كما علمت - يتصوره. على أن الأجزاء التي لا تتجزأ لا تتألف منها بالحقيقة لا دائرة ولا غير دائرة، وإنما هذا على قانون القائلين به. وإذا صحت دائرة صحت الأشكال الهندسية فيبطل الجزء ويعلم ذلك من أن كل خط ينقسم بقسمين متساويين وأن قطرأ لا يشارك ضلعا وما أشبه ذلك، فإن الخط الفرد الأجزاء لا ينقسم بقسمين متساويين، وكل خط مؤلف من أجزاء لا تتجزأ يشارك فيها كل خط، وهذا خلاف ما يبرهن عليه بعد وضع الدائرة، وكذلك أشياء أخرى غير هذا. وأما إثبات الدائرة على أصل المذهب الحق فيجب أن نتكلم فيه، وأما الاستقامة وجوب محاذاة بين طرفي خط إذا لزمه المتحرك لم يكن حايدا، وإن فارقه كان حايدا عادلا، فذلك أمر لا يمكن دفعه. فنقول: قد تبين في الطبيعيات من وجه وجود الدائرة، وذلك لأنه تبين لنا أن جسما بسيطا، وتبين أن كل
पृष्ठ 74