يكون منه طبيعيا، وإذا كان مبدأ الحركة فيه من خارج ولم يكن له أن يتحرك إلى ذلك الكمال من نفسه كان ما يكون منه صناعيا أو تجاريا مجراه، فهذا جمل ما نقوله في العنصر. وأما الصورة فنقول: قد يقال صورة لكل معنى بالفعل يصلح أن يفعل حتى تكون الجواهر المفارقة صورا بهذا المعنى. ويقال صورة لكل هيئة وفعل يكون في قابل وحداني أو بالتركيب حتى تكون الحركات والأعراض صورا. ويقال صورة لما تتقوم به المادة بالفعل فلا تكون حينئذ الجواهر العقلية والأعراض صورا. ويقال صورة لما تكمل به المادة وإن لم تكن متقومة بها بالفعل، مثل الصورة وما يتحرك بها إليها بالطبع، ويقال صورة خاصة لما يحدث في المواد بالصناعة من الأشكال وغيرها. ويقال صورة لنوع الشيء ولجنسه ولفصله ولجميع ذلك. وتكون كلية الكلي صورة للأجزاء أيضا، والصورة قد تكون ناقصة كالحركة وقد تكون تامة كالتربيع والتدوير. وقد علمت أن الشيء الواحد يكون صورة وغاية ومبدأ فاعليا من وجوه مختلفة. وفي الصناعة أيضا، فإن الصناعة هي صورة المصنوع في النفس، فإن البناء في نفسه صورة الحركة إلى صورة البيت، وذلك هو المبدأ الذي يصدر عنه حصول الصورة في مادة البيت، وكذلك الصحة هي صورة البرء، ومعرفة العلاج هي صورة الإبراء. والفاعل الناقص يحتاج إلى حركة وآلات حتى يصدر ما في نفسه محصلا في المادة، والكامل فإن الصورة التي في ذاته يتبعها وجود الصورة في مادتها ويشبه أن تكون الأمور الطبيعية صورها عند العلل المتقدمة للطبيعة بنوع، وعند الطبيعة على طريق التسخير بنوع، وأنت تعلم هذا بعد. وأما الغاية فهي ما لأجله يكون الشيء، وقد علمته فيما سلف، وقد تكون الغاية في بعض الأشياء في نفس الفاعل فقط كالفرح بالغلبة، وقد تكون الغاية في بعض الأشياء في شيء غير الفاعل، وذلك تارة في الموضوع مثل غايات الحركات التي تصدر عن رؤية أو طبيعة، وتارة في شيء ثالث كمن يفعل شيئا ليرضي به فلان، فيكون رضاء فلان غاية خارجة عن الفاعل والقابل، وإن كان الفرح بذلك الرضى أيضا غاية أخرى. ومن الغايات التشبه بشيء آخر، والمتشبه به من حيث هو متشوق إليه غاية، والتشبه نفسه أيضا غاية.
الفصل الخامس (ه)
पृष्ठ 143