शिफा ग़राम
شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام
प्रकाशक
دار الكتب العلمية
संस्करण संख्या
الأولى ١٤٢١هـ
प्रकाशन वर्ष
٢٠٠٠م
शैलियों
इतिहास
محل في كتب العلماء، وأيضا فعقد الهدنة إنما يكون بسؤال من اضطر إليها، والاضطرار إليها في الفتح للمشركين، لوفور قوة المسلمين يومئذ، ولم يسأل المشركون ذلك مشافهة ولا مراسلة، لأنه لم يحضر عند النبي ﷺ بمر الظهران- ممن كان على الشرك- غير أبي سفيان بن حرب، وحكيم بن حزام، وكان معهما بديل بن ورقاء الخزاعي، ولم يكن حضورهم إليه لأداء رسالة عن قريش، وإنما قريش بعثتهم ليتحسسوا لهم أخبار رسول الله ﷺ، على ما ذكره ابن إسحق، فإنها غيبت عليهم، لأن النبي ﷺ سأل الله ﷿ عند توجهه من المدينة أن تعمى الأخبار عن قريش حتى يبغتها في دارها، فاستجاب الله ﷿ دعوته، ولم يشعر بهم أحد من أهل مكة، إلا وهم بمر الظهران، وكانوا في وجل من النبي ﷺ لنقضهم عهد الحديبية، لأن بعضهم قاتل ليلا مع كنانة خزاعة حلفاء النبي ﷺ، ورفد بعضهم كنانة بالسلاح١.
وذكر موسى بن عقبة ما يقتضي أن بعض المسلمين أخذوا أبا سفيان ومن معه قهرا، وأحضروهم إلى النبي ﷺ، فأسلموا، وأن أبا سفيان وحكيما سألا النبي ﷺ الأمان لمن كف من قريش عن قتاله، فأجابهم النبي ﷺ إلى ذلك، والذي حملهم على ذلك الرغبة فيما يصلح لقومهما، ولم يكن لمن خرج مخرجهما أن يعقد على من وراءه، عقد هدنة إلا بعد إعلام من وراءه بما رأى، وأن يثق منهم في ذلك الرضا، وقد أنكر بعض العلماء أن يكون أهل مكة عقدوا مع النبي ﷺ صلحا عند فتحها، لأنه ذكر أن حال أهل مكة جرى في أرضها، وفي أنفسهم، وفي أموالهم، مجرى حال أهل الصلح، لا أنهم عقدوا معه صلحا، إذا لم يأت أثر في شيء من هذا بمصالحتهم إياه، وبالله التوفيق ... انتهى بلفظه إلا قليلا فبالمعنى، وهذا في شرح مسلم للإمام المازري، أو للقاضي عياض، على الشك مني لبعد العهد بذلك، والله أعلم.
وقد ذكر النووي ﵀ حجة الشافعي ﵁ على جواز بيع دور مكة وإجارتها، فقال: قوله ﷺ: "من دخل دار أبي سفيان فهو آمن". استدل به الشافعي وموافقوه على أن دور مكة مملوكة يصح بيعها وإجارتها، لأن أصل الإضافة إلى الآدميين يقتضي الملك وما سوى ذلك مجاز ... انتهى.
وفي هذا الاستدلال نظر لأنه ليس في معنى قوله ﷺ: "من دخل دار أبي سفيان" إشعار بإضافة غيرها من دور مكة لأهلها من مسلمة الفتح، حتى تكون دورهم مملوكة لهم، كملك أبي سفيان، وإذا كان كذلك لم ينهض من قوله ﷺ: "من دخل دار أبي سفيان" دلالة على ملك غير أبي سفيان من مسلمة الفتح لدورهم بمكة، لكون ذلك لا
_________
١ الروض الأنف ٢/ ٢٦٣.
1 / 62