بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة المؤلف:
الحمد لله الذي جعل مكة المشرفة أعظم البلاد شأنا، وصيرها محلا مباركا، وأجزل للمتقربين فيها العطية، وكم لها في الفضل مزية، لأن فيها البيت الحرام، الذي هو للناس مثابة وقوام، المغفور لمن حجه أو طاف به في البرية ما اقترفه من الخطية. أحمده على ما منحنا من جوار بيته المطهر، وأسأله استمرار ذلك إلى حين أقبر.
وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه، وبه نستعين، رب يسر وأعن يا كريم. [بجاه عروس القيامة والدين القويم] ١.
وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، الذي جعل مكة وما حولها حرما، وأغنى بماء زمزم عن الطعام، وشفا به سقما. وأشهد أن سيدنا محمدا أفضل من الحجر الأسود قبل، وفي الطواف بالكعبة رمل، وصلى خلف المقام الذي للخليل فيه أثر، ووقف بعرفات والمشعر ﷺ ما رميت الجمار، وما تضرع داع في الملتزم والمستجار٢، وما سعى بين الصفا والمروة محرم، ورضي الله عن آله وأصحابه الذين توقيرهم واجب على كل مسلم.
أما بعد: فإنه لما وفقني الله تعالى للاشتغال بالعلم الشريف تشوَّقَتْ نفسي كثيرا إلى معرفة ما كان بعد الإمام أبي الوليد محمد بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن الوليد بن
_________
١ ومعنى قول المؤلف "بجاه عروس القيامة والدين القويم" أنه يطلب من الله أن يشفع فيه سيد المرسلين ﷺ.
٢ المراد بالملتزم والمستجار: البيت كله.
1 / 15