कविता और चिंतन
شعر وفكر: دراسات في الأدب والفلسفة
शैलियों
إخوتي.
وفي هذه السنة أيضا، في لهيب الحرب، نشأت هذه القصيدة العجيبة «جنود». أربعة أسطر، تسع كلمات. لا شيء غير هذا. فالشاعر لا يقول إلا القليل، بل أقل من القليل؛ لأنه لم يبق أمام الكارثة من شيء يقال:
يقفون
كما في الخريف
على الأشجار،
ورقة ورقة.
وانتهت الحرب فأقام أنجارتي في روما، وعمل في وزارة الخارجية مشرفا على تحرير نشرة باللغة الفرنسية. وتوالت دواوينه واحدا بعد الآخر: الميناء المدفون، فرحة الغارقين، وعاطفة الزمن. واشتهر أنجارتي وكثر قراؤه المعجبون والساخطون. فها هو شعر فريد وجديد، يضع حدا للبلاغة والزخرف والتكلف الذي ساد الشعر الإيطالي زمنا طويلا. وها هم الناس يتحمسون في الترحيب به كما يتحمسون في الحرب عليه. بل لقد وصل الأمر في تلك السنوات إلى حد تأسيس مجلات لا يشغلها شاغل سوى الهجوم على أنجارتي أو الدفاع عنه، غير أن الشاعر كان يقف بعيدا ووحيدا، لا يجد ما يقيم به أود أسرته. وبدأ يعمل مراسلا لجريدة الشعب في مدينة تورين، ويسافر من بلد إلى بلد في سبيل لقمة العيش، ويكتب مقالات يرسلها إلى جريدته من الجنوب الإيطالي، ومن معظم البلاد الأوروبية، ولكنه برغم هذه الظروف لم ينقطع عن كتابة الشعر، وهو أمر لا نعطيه في الغالب ما يستحقه من التقدير والإجلال.
لنقف لحظة عند هذه الفترة من حياة الشاعر قبل أن ننتقل إلى ما بعدها. وليطمئن القارئ، فلن تطول وقفتنا؛ لأن قصائد شاعرنا أقصر من نفس واحد بين شهيق وزفير. ولنقتصر على هاتين القصيدتين اللتين جعلهما عنوانا للديوانين اللذين أشرت إليهما. فلنحاول معا أن نعرف - أو بالأحرى نتعلم - من هاتين القصيدتين القصيرتين المكثفتين. يقول في قصيدة «الميناء المدفون»:
هناك يصل الشاعر
ثم يلتفت إلى النور بأغانيه
अज्ञात पृष्ठ