कविता और चिंतन
شعر وفكر: دراسات في الأدب والفلسفة
शैलियों
19
هل وقعنا بهذا في شباك العبارات المتناقضة؟ هل نلجأ إلى ما تلجأ إليه الفلسفة في مثل هذه الأحوال من تصعيد للتناقض، والجمع بين طرفيه في وحدة أشمل، نسميها بعد ذلك وحدة جدلية؟! أليست هذه الوحدة التي تهدف للمصالحة بين العبارتين المتناقضتين عن الزمان والوجود، هروبا منهما معا ومن العلاقة القائمة بينهما؟
وما الطريق الذي نسلكه كي ننظر في موضوع كل منهما على حدة، أعني في القضية التي يطرحانها أمام الفكر؟ فلنأخذ أنفسنا بالحذر الواجب، ولنواجه هذه القضية بما يليق بالفكر من صبر وأناة.
نحن نقول على الدوام: الوجود يكون، والزمان يكون. فلنجرب تغيير الصيغة اللغوية لنقول: الوجود يوجد والزمان يوجد (على أن نفهم من كلمة يوجد معنى الجود والعطاء الذي يجمع بينهما ويجود بهما).
20
إن الوجود يتيح للموجود أن «يحضر»، ويسمح له بأن يظهر ويكون، وإحضار الموجود بهذا المعنى يساوي إخراجه من التحجب والخفاء إلى الانفتاح والجلاء، ومن ثم يكون الوجود نوعا من العطاء.
غير أن العطاء لا يزال ملفوفا بالظلام، كما أننا لا نزال نجهل كل شيء عمن يقوم به. لقد حاولت الميتافيزيقا في تاريخها كله، منذ بدايتها الساذجة عند طاليس، وحتى اكتمالها في فلسفة «نيتشه» أن تفكر في الوجود من ناحية الموجود ، وتفسره باعتباره الأساس لهذا الأخير. فلنحاول أن نفكر فيه من جهة «الحضور» والتكشف والظهور، أو كما قلنا الآن من جهة العطاء.
بهذا يتحول معنى الوجود، ويصبح العطية أو الهبة التي يجود بها الكشف والإظهار من ثنايا التحجب والخفاء،
21
وبهذا أيضا يصبح هو الحضور. هذا الوصف للوجود بأنه حضور ليس بالأمر الذي نقرره من جانبنا أو نختاره بمشيئتنا. لقد تقرر منذ زمن طويل وليس لنا فضل فيه، والتزم به الإنسان منذ طرح سؤاله القدري: «ما هو الوجود» حتى «حضر» هذا الوجود في تفسيره الأخير له على هيئة أقمار صناعية تجوب الفضاء، وتدور حول الأرض، ومركبات تغزو القمر والزهرة والمريخ ... إلخ.
अज्ञात पृष्ठ