कविता और चिंतन
شعر وفكر: دراسات في الأدب والفلسفة
शैलियों
السماء تضع
على رءوس المآذن
أكاليل نور.
أو «هذا المساء»: حاجز من الريح
كي يسند حزني
في هذا المساء.
ولا أحب أن أستسلم أكثر من هذا لإغراء الشعر، فتكفي هذه النماذج القصيرة للدلالة على أسلوب شاعرنا ودقته الرياضية في اختيار الألفاظ واكتفائه بأقل قدر ممكن من الكلمات التي تحمل أكبر طاقة ممكنة من المشاعر والمعاني. ولا نستطيع بالطبع أن نقول إنه شعر سهل. غير أن صعوبته لا تجيز لنا مع ذلك أن نصفه بالغموض؛ لأن الغموض يتصل كما قدمت بتشويش الفكرة، أو تشتت الإحساس أو تعقيد البنية اللغوية والنحوية أو غرابة المصطلح الجديد أو الخروج المتعمد على المألوف في ترتيب عناصر العبارة، وتسلسل الأفكار والأبيات في القصيدة الواحدة. •••
من العسير علينا أن نقدر مكانة أنجارتي في الأدب الإيطالي الحديث، واختلاف النظرة إليه بين المتحمسين له والساخطين عليه. ذلك أن النقد الأدبي في بلد من البلاد يرتبط بظواهر وظروف يصعب تقديرها في بلد آخر. فقد ننقل شاعرا أو أديبا أجنبيا إلى لغتنا ونقيسه بمقاييسنا، فنقبل عليه ونعجب به، ولكن من النادر أن نتبين حقيقة تيار أو حركة أدبية، وإذا حكمنا عليها فإن أحكامنا ستثير الدهشة عند أصحابها الأصليين أو قد تثير الضحك والرثاء - وما أشد ذهولنا حين نطلع مثلا على ما يكتبه الأجانب عن أدبائنا الكبار أو حين نلاحظ كيف يعجزون عن الإحساس بالجو الأدبي الذي نعيش فيه - ومع ذلك كله نستطيع أن نقول ونحن مطمئنون أن أنجارتي يعد عند فريق كبير من أهله أكبر شاعر بعد «جبرييل داننزيو». والجميع يتفقون على أنه خلص القصيدة في بلاده من أثقال البلاغة والزخرفة والتكلف. وكل من يقرأ له سيتذوق بنفسه نضارة شعره ورقته وعفويته، وسيتفق على أنه من هؤلاء الشعراء الملهمين الذين يصدق عليهم القول بأنهم أعادوا إلى الشعر بدائيته الأصيلة، وبراءته المفقودة، وطرقوا به أبواب السر العظيم.
لنكتف اليوم بهذا القدر عن أنجارتي إلى أن تيسر لنا المراجع الكافية لدراسته. ولنختم حديثنا عنه وعن ظاهرة الغموض بقولنا إنها تعبر أفضل تعبير عن إحدى مفارقات الشعر الحديث. فإذا كان الغموض هو «أوضح» ظاهرة في هذا الشعر، فإن هذا الغموض ينبغي أن يظل غموضا واضحا أو وضوحا يكسوه الغموض. وليصدقني القارئ، فأنا لا أتلاعب بالألفاظ. وإنما أريد ببساطة أن القصيدة الحديثة - عند شاعر جدير بهذا الاسم - أشبه بالبرق الخاطف، لا تضيء إلا لتخبو، ولا تخبو إلا لتضيء. وما دامت تكشف لنا في الحالين عن سرنا وسر الوجود أو تحاول الكشف عنه، وما دامت تطرح عنها أعباء مئات السنين من تكلف وبلاغة وطنطنة وقواعد وتقربنا منه، فهل يصح بعد ذلك أن نضيق بهذا الغموض الأصيل؟ وهل نطلب الكثير لو تمنيناه لشعرائنا الذين تعقد اللغة والوطن عليهم أكبر الآمال؟ (1968م)
أربع قصائد1
अज्ञात पृष्ठ