من الجنود العرب سنة اثني عشرة ومائة في موقعة الشعب، والتي دارت بين الجنيد وخاقان، كانوا خمسين ألفا١، وهو رقم لا شك أنه بالغ فيه بعض المبالغة، ولكن المهم هو أن الجيش الذي حارب به الجنيد بسمرقند لم يكن يؤلف جميع الجنود العرب الذين كانوا بخراسان عندئذ، وإنما كان يؤلف قسما منهم، ذلك أن الجنيد تحرك إلى سمرقند في الوقت الذي اتجهت فيه أكثر فرق الجيش العربي إلى طخارستان، فقد وجه الجنيد عمارة بن حريم إلى طخارستان في ثمانية عشر ألفا، وإبراهيم بن بسام الليثي في عشرة آلاف في وجه آخر، وعبد الرحمن بن مسلم في لواء ثالث إلى النيروز٢، كما كان بخراسان كتائب وألوية أخرى لم تغز طخارستان، ولم تتحرك مع الجنيد إلى سمرقند، وإنما كانت تعسكر بمواقعها مع رؤسائها في مدن خراسان الأخرى، فقد كان البختري بن أبي درهم لا يزال مقيما هو وجنوده بهراة، كذلك لم يحضر إلى الجنيد الجنود الذين كانوا مرابطين بالطالقان٣، ويجب أن نزيد على كل هذه الكتائب والألوية الغازية وغير الغازية فرقا وسرايا أخرى كان بعضها بالمراقب والثغور الهامة لخراسان، وكان جنودها طلائع يراقبون العدو ويحرسون الحدود٤، وكان بعضها ببلاد ما وراء النهر مثل سمرقند، وبخارى، وخوارزم، وبين أيدينا خبر واحد عن عدد المقاتلين الذين كانوا بسمرقند، مع سورة بن الحر التميمي، فقد سار معه منها اثنا عشر ألفا لإغاثة الجنيد بالشعب حين كان محاصرا مجهودا٥ مما يدل من بعض الوجوه على أن الجيش العربي بخراسان لم يقل كثيرا في هذه الفترة عن مائة ألف جندي، وهو مقارب للعدد الذي كان في ولاية يزيد بن المهلب الثانية على خراسان.
ويذكر الشاعر الكميت بن زيد الأسدي في قصيدة أرسلها من الكوفة إلى العرب بمرو الشاهجان، سنة سبع عشرة ومائة، حين اكتسح الحارث بن سريج التميمي أكثر
_________
١ الطبري ٩: ١٥٥٩.
٢ الطبري ٩: ١٥٣٢.
٣ الطبري ٩: ١٥٣٣.
٤ الطبري ٩: ١٤٢٩، ١٥٩٧، ١٦١٠، ١٦١٤، ١٦٩٣، ١٧٧١، ١٩١٥، وانظر استيطان العرب بخراسان ص: ٧٦، ٧٧.
٥ الطبري ٩: ١٥٤٠.
1 / 46