غزيرة من تاريخ العرب، ومن شعر شعرائهم بخراسان من الفتح إلى نهاية العصر الأموي. ولكنني ظللت مترددا في تتبع الموضوع تتبعا وافيا، حتى عرضته على أخي الكبير الأستاذ الدكتور عبد العزيز الدوري، فشجعني على المضي فيه، وزودني بكثير من الملاحظات المهمة، فمضيت أجمع كل ما أقع عليه من أخبار العرب وأشعارهم بخراسان في هذه الحقبة، حتى إذا أحسست أنني ظفرت بأكثر المواد من المصادر والمظان المتاحة، عكفت على النظر فيما جمعته منها، وعلى تبويبه ودراسته، وانتهيت إلى توزيعه بين ثلاثة فصول، جعلت أولها للجغرافية التاريخية، وثانيها لموضوعات الشعر وخصائصه، وثالثها لشعراء القبائل بخراسان.
أما مصادر البحث ومراجعه فكثيرة متنوعة، فمنها الكتب الجغرافية، وأنفعها كتاب: "المسالك والممالك" للإصطخري، فإن فيه أدق المعلومات وأوفاها عن خراسان، وكتاب: "بلدان الخلافة الشرقية" للمستشرق الإنجليزي لي سترانج، فقد أفدت منه فوائد كثيرة في تحديد مواقع المدن والقرى.
ومنها الكتب التاريخية: وأهمها كتاب: "الرسل والملوك" للطبري، فإنه أشمل مصدر لتاريخ العرب وشعرهم بخراسان.
ومنها الكتب الأدبية، وأشهرها كتاب: "الأغاني" لأبي الفرج الأصفهاني، فإن فيه تراجم وافية لأكثر الشعراء الذين ترجمت لهم، وكتاب: "نقائض جرير والفرزدق" لأبي عبيدة ومعمر بن المثنى، وكتاب: "معجم الشعراء" للمرزباني، فإنهما يحتويان على أشعار لم تذكر في المصادر الأخرى، وهي أشعار لها قيمة كبيرة، لأنها تكشف عن بعض مواقف القبائل من الأحداث الداخلية.
وأما الأستاذ الدكتور عبد العزيز الدوري فهو صاحب الفضل الأول في ظهور هذا البحث، فهو الذي حثني على التوفر عليه، والعمل فيه، وهو الذي أمدني بفيض من ملاحظاته، وهو الذي تكرم بقراءة كل فصل كنت أكتبه قراءة متأنية متعمقة، وهو الذي جنبني بعض الهفوات والأوهام، وصحح بعض الآراء والأحكام، حتى خرج البحث على هذه الصورة. ومهما أعترف بفضله، وأقدر جميله، فأنا عاجز عن أن أوفيه حقه من الشكر والتقدير.
1 / 6