Sheikh Saad Al-Breik's Lessons
دروس الشيخ سعد البريك
शैलियों
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مسئولية الجميع
يقول النبي ﷺ: (لتأمرن بالمعروف) لام الأمر المؤكدة بنون التوكيد الثقيلة: (لتأمرن بالمعروف، ولتنهون عن المنكر، ولتأخذن-يعني: أطاع، أو لم يطع، أعجبه أو لم يعجبه ما علينا- ولتأخذن على يد السفيه، ولتأطرنه عل الحق أطرًا، أو ليضربن الله بقلوب بعضكم بعضًا، ثم ليلعننكم كما لعنهم) تضرب القلوب بعضها ببعض، وتحدث الأحقاد والفتن والكراهية، ثم تعم اللعنة حينما يسكت الناس عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإن عقولًا استقر فيها أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مسئولية الدوريات والجيوب التابعة للهيئة: صلوا صلوا، أغلق الدكان جزاك الله خيرًا، توجه إلى المسجد جزاك الله خيرًا، هذا لا يعفي الأمة من مسئولية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أقال النبي ﷺ: إذا كان أحد من أهل الهيئة رأى منكرًا؟ لا.
بل قال: (من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان) لماذا لا ننكر المنكرات ونحن نراها صباح مساء؟ قد يقول بعضكم: والله إذا كنت يا فلان! تريد أن تلزمنا بهذا الشيء، وكل منكر ضروري أن نغيره، الظاهر أن الواحد لم يعد يقدر، وأقول: لا.
من واجبك أن تغير كل منكر قدرت على تغييره، ولكن لكل شيء ظروفه وأحواله المناسبة في إطار لا يخرج عن الحكمة: ﴿وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا﴾ [البقرة:٢٦٩] والحكمة هي: فعل ما ينبغي في الوقت الذي ينبغي على الوجه الذي ينبغي، المهم ألا يظن أحد أنه معفي من مسئولية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حتى من عنده منكر في نفسه مطالب أن يغير المنكر الذي يراه في غيره، بعض الناس يقول: إذا كان الإنسان صاحب معاصٍ فلا يستطيع أن يغير منكرًا؟ لا.
أتجمع بين سوءتين حشفٌ وسوء كيلة، أن تكون صاحب منكر في نفسك، أو في سلوكك، وترى منكرًا وتسكت عليه؟ بل من واجبك أن تغير المنكر لعلك أن ترفع بذلك الحجة على نفسك، هذا أولًا، وأن تقر بالذنب على نفسك، هذا ثانيًا، وألا تقع في الإثم برؤية المنكر والسكوت عليه، هذا ثالثًا.
ومن باب أولى حينما ترى في أحد منكرًا أعظم، مثلًا: رجل حليق -منَّ الله علينا وعليه بالهداية- يعرف جارًا له لا يصلي، أيهما أعظم: كونه حليقًا أم كونه لا يصلي؟ إن ترك الصلاة مع الجماعة مصيبة، إذًا نقول لهذا الحليق: من واجبك، ويتعين عليك أن تطرق الباب على جارك، أو تمسك به في أي فرصة مناسبة، وتقول: فقدناك في المسجد، نصيحة، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أيضًا في حدود النصيحة، وإطار النصيحة والمقدرة والأسلوب الذي تستطيعه، لا أن تطرق الباب وتمسكه من تلابيبه: اخرج وصلِّ، لا.
ليس هذا من الحكمة في الدعوة، ولا في الأمر بالمعروف، ولا في النهي عن المنكر، لكن من الحكمة في أمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر إما أن تطرق عليه الباب ومعك طعام، وهدية اطمئنان: فقدناك، ما رأيناك، ما الذي أصابك؟ فتتناقش معه، لربما أكرمك الله بثواب أمرك بالمعروف ونهيك عن هذا المنكر، فَمَنَّ عليك بالهداية والاستقامة في اتباع سنة نبيك فيما كنت فيه مقصرًا، لا يظن أحد أن مسئوليةً في هذا الدين تخص طائفة دون طائفة، وبعض الناس يقول: والله أنا من (الزكرت) لا أستطيع أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر، لا.
وإن كنت من هذه الطائفة، أو تسمي نفسك، وليس عندنا هذه الطائفة، لكن باللهجة العامية كما يقال، فأنت مسئول مكلف أن تأمر بالمعروف، وأن تنهى عن المنكر، وإن كان فيك ما فيك من الذنوب والمعاصي، لعلها أن تكون سببًا في إقامة الحجة على نفسك، يقول الله جلا وعلا: ﴿لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ﴾ [المائدة:٧٨ - ٧٩] لعنوا لعنًا بسبب أنهم كان الواحد منهم يلقى صاحبه -كما ورد في بعض الروايات- فيقول: يا فلان! اتق الله، أو لا تفعل هذا، فإذا جاء من الغد لا يمنعه أن يكون أكيله وقعيده وشريبه، ويرضى بما هو فيه من المنكرات.
3 / 6