فتمادى رمضان قائلا: قد يقتل الإنسان دفاعا عن نفسه!
فارتفع صوتها وهي تقول: المهم أن يكون على صواب، إنكم لا تقدرون تعبنا حق قدره، لقد عملت حتى اضطرني المرض إلى طلب المعاش، أبوكم يعمل عملا مضاعفا رغم انحداره إلى الشيخوخة، وتفوقكم ميزة لا يستهان بها فلم الشك والانتهازية؟
فضحك زغلول تلطيفا للجو وقال: ما زلنا عند حسن ظنك.
سخرت من قوله في نفسها ولكنها قالت: أشكرك، سيكون لنا عودة إلى الحديث، أما الآن فإني أفضيت إليكما بأخطر قرار اتخذ في أسرتنا حتى لا تفجآن به غدا، فما رأيكما؟
وساد الصمت، وتبودلت النظرات، فقالت: حسبت الأمر لا يحتاج لتردد طويل؟
فقال زغلول: ليس التردد نتيجة للشك في صوابه ولكن إشفاقا من عواقبه!
فقالت ببرود: قدرنا ذلك قبل اتخاذ القرار. - عظيم! - ماذا تعني؟ - إنه قرار صائب تماما.
لقد غادرتهما وهي مليئة بالشك والغم.
14
وجدت رب البيت نائما. لمحت فوق الكومودينو قارورة البريكتين فأدركت أنه استعان بالمهدئ ليهرب. ما أحوجها هي إلى حبة بريكتين! لا شك أن الضغط الآن يتصاعد مثل الجو العاصف حولها. استلقت على ظهرها تحت الغطاء. تحت سطح الماء الساكن تيارات تتلاطم في الأعماق. أسرتها أسرة مثالية ولكن على الورق فقط، وها هي تتمخض عن مفاجآت غريبة وقبيحة. زغلول ورمضان يتملصان من قبضتها. الجو الفاسد يتسلل إلى الداخل رغم النوافذ المغلقة. لا جديد في أن يختلف الناس في الصواب، المهم أن ينشدوه لا أن يطرحوه أرضا. وآمنت بأنها لو خرجت من هذه الأزمة دون مضاعفات صحية فسوف تكتب في المعمرات. ولبثت تعاني يقظة حادة، وترفض في الوقت ذاته أن تمد يدها إلى قارورة البريكتين، فلم تدر أنها غفت قليلا إلا بفضل حلم رأته عن أمها. ولدى استيقاظها شد انتباهها شيء في الخارج. خارج الحجرة حركة وأصوات. ماذا يجري؟ زوجها ما زال يغط في نوم عميق. انسحبت من تحت الغطاء فارتدت الروب وغادرت الحجرة بسرعة. وجدت محمود في الصالة واقفا شاحب اللون مرتجف الأطراف. حدست في الحال أن وجه الحقيقة الآخر كشف له عن بشاعته كلها أو بعضها. - ماذا جري؟
अज्ञात पृष्ठ