صلى الله عليه وسلم
يريده ويمهد له من جهة، وتورطا في حرب الروم على غير تعجل منه من جهة أخرى.
ثم قبض الله أبا بكر إلى جواره قبل أن يشهد ما أتاح الله لجيوشه في الشام من النصر، وكان على عمر بن الخطاب - رحمه الله - أن يسترد العراق ويتم فتح الشام كما سنرى.
9
وكان الذي ورط أبا بكر في حرب الشام قبل الفراغ من فتح العراق، أنه أراد أن يحمي حدود الجزيرة العربية مما يلي الشام، فأرسل خالد بن سعيد بن العاص وأمره أن يقيم على تيماء ردءا لمن وراءه من المسلمين، فذهب خالد ومعه جيشه حتى بلغ الغاية التي وجه إليها، واجتمعت له على حدود الشام بإزائه قبائل من العرب، ومعهم جنود الروم، فحمي خالد وأصحابه حين رأوا هذا العدو بإزائهم، فاقتحموا عليهم وانهزم لهم عدوهم، فأطمع انهزامه خالدا في أن يظفر في الشام بمثل ما كان يظفر به سميه ابن الوليد في العراق، فأوغل في أرض العدو وتركه العرب والروم يمعن في أرضهم، حتى إذا بعد ما بينه وما بين الجزيرة العربية، كروا عليه فحصروه وقتلوا ابنه سعيدا، واضطر هو إلى أن يفر فيمن استطاع من أصحابه، وأمعن في فراره حتى جاوز حدود الجزيرة ودنا من المدينة.
وعرف أبو بكر ذلك فكتب إليه يأمره أن يقيم مكانه وألا يأتي المدينة، وكان عمر وعلي وغيرهما من أصحاب النبي قد نهوا أبا بكر عن إرسال خالد إلى حدود الشام، وقالوا له: إنه رجل فخور مغرور، سريع الإقدام سريع الإحجام. ولكن أبا بكر لم يسمع لهم، فلما انهزم خالد عرف أنهم قد نصحوا له، وأنهم كانوا أعرف منه بهذا الأموي المقدام المحجام.
ومهما يكن من شيء فقد اضطر أبو بكر إلى أن يمحو أثر تلك الهزيمة، فجند جنودا وأمر عليها الأمراء، وخصص لكل أمير جزءا من الشام يفتحه ثم يكون عاملا عليه.
وهؤلاء الأمراء هم: عمرو بن العاص وجعل إليه فتح فلسطين وحكمها بعد الفتح، ويزيد بن أبي سفيان وكلفه دمشق، وأبو عبيدة بن الجراح وكلفه حمص. كلهم يبدأ بالفتح ثم يقيم واليا على ما غلب عليه.
وكان عكرمة بن أبي جهل قد أرسل مددا إلى خالد بن سعيد، فلما فر خالد داور عكرمة بالجيش حتى بعد به عن جموع الروم والعرب، وأقام على الحدود بين الجزيرة والشام.
وكان الروم قد ظنوا أن ما أصاب المسلمين من هزيمة، وما كان من فرار قائدهم خالد بن سعيد، وارتداد جيشه إلى الحدود، قد كفاهم حرب المسلمين، فلما رأوا الأمراء يقبلون بجيوشهم ويتجاوزون الحدود، فيقيم أبو عبيدة بالجابية،
अज्ञात पृष्ठ