وصدق عمر حين رد على الأنصار رأيهم هذا؛ فقال: لا يجتمع اثنان في قرن؛
6
فلو قد تم للأنصار ما كانوا يريدون لما استقامت أمور الحكم، ولكان من الخلاف بين الأميرين ما يفسد على المسلمين حياتهم ويضطرهم إلى خصومات لا تنتهي، وربما اضطرهم إلى الحرب في كثير من الأحيان.
والمهم أن أبا بكر وصاحبه قد أقنعوا الأنصار في يسر، فلم ينصرفوا عنهم إلا وقد بايعوا لأبي بكر، ولو قد كان الأنصار حراصا على الحكم والاستئثار بالسلطان لما أتيح لأبي بكر وصاحبيه أن يقنعوهم في ساعة من نهار.
والرواة يتحدثون بأن سعد بن عبادة الذي رشحه الأنصار للخلافة أبى أن يبايع لأبي بكر، وكان لا يصلي بصلاة المسلمين، ولا يشهد معهم الجمعة، ولا يفيض بإفاضتهم في الحج.
ولكن رواة آخرين يتحدثون بأنه بايع كما بايع غيره من الناس.
وهذا عندي أدنى إلى الصواب، وكل ما يمكن أن يقال إنما هو أن سعدا تأخر في البيعة؛ لأنه كان مريضا من جهة، ولأنه ربما وجد في نفسه من إقبال الأنصار عليه أولا، ثم انصرافهم عنه لما سمعوا من حديث أبي بكر وصاحبيه.
ويمضي الرواة الذين ينكرون بيعة سعد في غلوهم، فيزعمون أن الجن قتلت سعدا، ويضيفون إلى الجن بيتين من الشعر، وهما:
قد قتلنا سيد الخز
رج سعد بن عباده
अज्ञात पृष्ठ