ويلتمسون على ذلك ألوانا من الحجج يكثر فيها التكلف والتزيد، وكان المتشيعون لعلي يذهبون مذهب خصمهم، فيتكلفون ويتزيدون.
يقول البكريون مثلا: إن أبا بكر أول من أسلم من الرجال، ويأبى مخاصموهم ذلك فيقولون: إن عليا أول من أسلم من الرجال.
ويقول البكريون: إن عليا قد أسلم ولم يجاوز الصبا فلم يكن مكلفا، وأسلم أبو بكر وقد بلغ الشيخوخة أو كاد يبلغها، وفرق بين إسلام الرجل الذي كملت رجولته وإسلام الصبي الذي لما يبلغ الحلم.
ثم يختصمون في سن علي حين نبئ النبي: يذهب البكريون إلى أنه كان تسع سنين، وربما ألجأتهم الخصومة إلى الغلو، فزعموا أن عليا أسلم وهو ابن ست سنين.
وواضح ما في هذا من السرف، فعندما هاجر النبي
صلى الله عليه وسلم
إلى المدينة وخلف عليا بمكة ليؤدي إلى بعض الناس ودائع كانت عند النبي، ويقال: إن النبي أمر عليا أن يشتمل ببردة كانت له، وأن ينام في فراشه؛ ليوهم الرصد الذين كانوا يتربصون به ليقتلوه أنه ما زال نائما في بيته، فلما أصبحوا تبينوا أن من كان نائما في فراش النبي إنما هو علي.
ثم كانت وقعة بدر في السنة الثانية من الهجرة، فأبلى فيها علي أحسن البلاء، وكل ذلك يدل على أن عليا لم يكن في أول الصبا حين أسلم، وعسى أن يكون قريبا من أول الشباب، وأكبر الظن أنه كان قد جاوز العشرين حين هاجر النبي وخلفه في مكة ليرد على الناس ودائعهم.
وإذن فأبو بكر أول من أسلم من الرجال الذي جاوزوا الشباب وبلغوا الكهولة وأوشكوا أن يبلغوا الشيخوخة، وهو بعد ذلك لم يكن ذا قرابة قريبة من النبي
صلى الله عليه وسلم ، وإنما كان رجلا من قريش، فسبقه إلى الإسلام فضيلة تقدمه على الذين أسلموا بعده، لا شك في ذلك.
अज्ञात पृष्ठ