ولم تلق مسرحية أوزبورن هذه رواجا في بريطانيا وحدها، بل لقد عبرت المحيطات إلى القارة الأوروبية إلى أمريكا حيث ظهرت على المسارح هناك، ولقيت من الإقبال ما لقيته في وطن المؤلف، ثم أخرجت في فيلم سينمائي، وكتبت قصة للقراءة لمن لا تتيح له ظروفه مشاهدة التمثيل.
ولم تكن هذه المسرحية مجرد بدعة جديدة لكاتب مبتدع مجدد، فقاعة تنتفخ ثم تنطفئ بعد حين، إنما كانت شيئا أكثر من ذلك، كانت أشبه بالعمل التجاري الذي يطرد في نموه ويعود على صاحبه بالربح الوافر.
ومن أجل هذا أخذ الشباب من الكتاب يحذون حذو أوزبورن طمعا في الشهرة والمال؛ لأن نجاح المسرحية لا يقاس فقط بالإتقان الفني، وإنما يقاس أيضا بمقدار ما تعود به من كسب مادي على كل مشتغل بها.
ذلك لأن المسرحية تحتاج بجانب المؤلف إلى عدد كبير من الفنيين الذين يشتغلون بالإنتاج والإدارة والإخراج والديكور وبغير ذلك من مستلزمات المسرح، وذلك يتطلب نفقات باهظة لا بد أن يقابلها إقبال من المشاهدين لسد هذه النفقات.
ولم تبلغ المسرحيات الجديدة كلها بطبيعة الحال حد الإتقان، غير أن المسارح أغرقت بالعدد العديد منها.
وأهم ما تميزت به استقلالها التام عن الأنماط القديمة، بحيث لم تعد تخضع لقاعدة معينة، أو لشكل معين؛ فهي متنوعة في طريقة الحبك وفي أسلوبها وعرضها للحوادث.
ومن ثم فنحن لا نستطيع أن نقول: إن مدرسة جديدة في فن المسرحية قد ظهرت، أو إن أوزبورن قد خط مذهبا جديدا للدراما، أو إن الكتاب المحدثين قد تأثروا بكاتب وطني أو أجنبي معين، بل إن الكاتب الواحد كثيرا ما يتحول من طريقة إلى أخرى فيما بين المسرحية والمسرحية.
لم تكن هناك حركة معينة لها مؤيدوها ودعاتها، وإنما كان هناك تحرر مطلق من كل قيد، ولعل ما يلفت النظر أن أكثر كتاب المسرحية الجدد من العمال أو من أبناء العمال.
وذلك لأن مسارح لندن كانت تتركز في الحي الغربي منها - وهو الحي الراقي - فكان لا يرتادها إلا الطبقة الراقية، أو الطبقة الوسطى، ومن ثم كان الكتاب الذين يشبعون أذواقهم ينشئون من بين خريجي الجامعات. أما في السنوات العشر الأخيرة، فقد أقيم كثير من المسارح في الحي الشرقي من لندن - حي العمال - وحي الفقراء، فنشأ من بينهم من يمدهم بالمسرحيات التي تتفق وأذواقهم، فكان المسرحيون الجدد جميعا من أبناء الطبقة العاملة مع استثناء جون آردن وجون مورتيمر، وهما من الجامعيين، واتجه بعض الممثلين إلى التأليف لأنهم أعرف بأذواق الجماهير.
ومن النقاد من يقسم كتاب المسرحية إلى واقعيين وغير واقعيين، أو إلى أتباع بريخت وأتباع أيونسكو، غير أني أرى في ذلك تجاوزا للحقيقة، وطغيانا على الشخصيات الجديدة الناشئة ومحاولة لإيجاد أوجه الشبه بينهم، في حين أن أوجه الخلاف هي السمة الظاهرة فيهم.
अज्ञात पृष्ठ