السبت 30 رمضان/15 يوليو
العيد
هذا يوم العيد، وأنا بعيد عن الوطن والآل والصحب؛ ولكني لا أحس اغترابا، فأنا في الحجاز، أسير بين الحين والحين إلى مكة، وهي أم القرى، وبلدة كل مسلم.
لا أقول ما قال أبو الطيب المتنبي في عيد الأضحى سنة خمسين وثلاثمائة، وهو يخرج من مصر مغاضبا كافورا:
أما الأحبة فالبيداء دونهم
فليت دونك بيدا دونها بيد
فهذه البيد التي بيني وبين بلدي، وهذا البحر الذي يعترض بيني وبين مصر خطبهما يسير، فالباخرات تنقلني إلى الوطن في أقل من ثلاثة أيام، والطائرات تطير بي إلى بلدي في أقل من خمس ساعات، والبريد يبلغ رسائلي في يوم، والبرق يبلغ أخباري في ساعة أو بضع ساعات. وأنا أسمع أخبار وطني وأغانيه وأحاديثه في موضوعات شتى بالمذياع فور النطق بها، لا فرق بيني وبين الجالس مع المتكلم. وأنا أقرأ صحفه بعد يوم من نشرها.
فأين الاغتراب في هذا الزمان؟ أجل، إنه اغتراب وبعد عن الأهل والدار والمرافق، ولكن أين هو من اغتراب أهل العصور الخالية؟ كان أحدهم ينفصل عن جدران قريته فتنقطع أخباره وتنقطع أخبارها، إلا أن يلقاه مسافر فينقل إليه خبرا لا يسكن إليه ولا يشفي غلته.
لقد طويت الأرض وزويت أقطارها وامحت المسافات.
الأحد 1 شوال/16 يوليو
अज्ञात पृष्ठ