وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب .
الإثنين 28 رجب/15 مايو
أخلاقنا
نسمع بين الحين والحين أنباء مروعة، وأحاديث شادهة؛ أعمالا تقطع ما اتصل من تاريخنا، وتهدم ما شيد من أخلاقنا.
تنظر في الصحف فتقرأ عن حدث بين والد وولده، أو زوج وزوجه، أو أخ وأخيه، أو جار وجاره، أو صديق وصديقه، فتروعك جناية على ما أحكمه الدين في نفوسنا ومكنته الأخلاق، وأبرمته المروءات. جناية ينكرها البر بالوالدين، والوفاء بين الزوجين، وعواطف الأخوة، وأواصر الصداقة. هذه الحرمات التي تجعل الأسرة معبدا ومسجدا مطهرا، وتجعل بر الوالدين قرين عبادة الله، والألفة بين الزوجين من آيات الله، وتجعل الصداقة قرابة محكمة، والجوار حرمة موكدة، وتقيم الجماعة على قواعد موطدة من الحب والتعاون والإيثار والوفاء والمروءة.
قل أن يخلو الأسبوع من حادثات يأسى لها القارئ، والذي يكتب بعض ما يسمع، والذي يسمع بعض ما يقع. وتمر الحادثات بين سخط القارئ أو لهوه، واستعداء القانون، دواليك لا اعتبار ولا ادكار.
رب حادثة من هذه الحوادث تعيها الآذان كل حين، وتعبرها العقول غير آبهة، هي أعظم أثرا في شقاء الأمة، وأبين دلالة على دائها، وأبلغ إنذارا بسوء العاقبة، من حوادث أخر يفزع لها الناس، ويرتاعون لهول منظرها، وشناعة مخبرها، ويهتم بها القانون وأعوان القانون. لا أذكر أمثالا، ولا أعدد واقعات؛ ولكن أنبه القارئ ليقرأ ويسمع، وينظر ويعتبر فلن تعوزه الحادثات ولن تخذله البينات، وسيتبين صدق ما ادعيت وشناعة ما ذكرت، ويعرف تفصيلا فظاعة ما ذكرت إجمالا.
الثلاثاء 29 رجب/16 مايو
طغيان البناء على الزرع
قرأت اليوم أن معهدا للأبحاث الصناعية في مصر سيبنى على سبعة عشر فدانا. وهكذا نسمع بين حين وحين بشرى بمصنع أو معهد أو معرض يشغل مساحة من الأرض واسعة. ولكن وراء هذه البشرى ما يجدر بالتفكير والقلق؛ أرض الزراعة في مصر ضيقة، والصحارى شاسعة، الأرض الزراعية جزء والصحارى تسعة وعشرون، فلم لا نشيد أبنيتنا في الصحراء على حافة المزارع ما استطعنا ، لنبقي على مزارعنا الضيقة؟ لماذا لا نتوسع ما نشاء في أرجاء الصحراء الواسعة ونرتفع عن الغيطان ورطوبتها وأدوائها إلى الصحراء وجفافها ونقائها؟
अज्ञात पृष्ठ