ثم انتبهت سالمة إلى نفسها فرأت أن الأجدر بها أن تغض النظر عن إطلاع حسان على ما يشغله أو يؤخره في ذلك المعسكر والحالة تدعو إلى سرعة إرساله إلى عبد الرحمن لتخبره بما علمته من شأن ميمونة وما في معسكر الإفرنج من المعدات، وما كان من استنجاد أود بشارل وغير ذلك مما يئول إلى نصرة العرب، فلما رأت من حسان القلق على استطلاع الخبر قالت: «إن الوقت لا يساعدنا على ذلك يا حسان، وإني أفضل أن أبقى أنا وتذهب أنت برسالة أبعثها معك إلى أمير العرب، فإن الحالة تدعو إلى سرعة الذهاب وإلا ضاعت الفرصة وذهب سعينا هباء منثورا، فأطعني واذهب أنت ولا بأس علي من البقاء هنا.»
قال: «الأمر لك يا مولاتي، ولكنني لا أرى شيئا أدعى إلى العجلة من إطلاق سراحك لمقابلة رئيس دير القديس مرتين وعرقلة مساعي الدوق شارل القادم لنجدة هذا الجند، ومتى تم لنا ذلك نذهب بالبشائر إلى الأمير عبد الرحمن دفعة واحدة.»
قالت: «ولكن الأمر الذي أطلب إبلاغه إلى عبد الرحمن الآن أهم كثيرا من خبر دوق أوستراسيا.»
فاستغرب حسان ذلك وقال: «وهل هو أهم من خبر هذا الدوق وهو قادم لنجدة أود بجيش جرار معه العدة والسلاح فضلا عما عرف به شارل من البسالة والقوة؟»
قالت: «إني أخاف على جند العرب من عدو مقيم في قصر أميرهم وهم يحسبونه صديقا، وقد اكتشفت سره في أثناء إقامتي في هذا الأسر ولم يكن استنجاد شارل إلا برأيه فإذا لم نبادر إلى كشف سره استفحل أمره.»
الفصل التاسع والخمسون
أول الأسرار
فبغت حسان لذلك، وحدق بعينيه، وقال: «من هو ذلك العدو يا مولاتي هل تخبرينني؟ قولي الآن ولا تخافي من وجود حضرة الراهب معنا فإنه صديق مخلص لنا في نصرتنا أو تكلمي بالعربية فإنه لا يعرفها قولي من هو ذلك العدو؟»
قالت: «هو ميمونة أو بالحري تلك المرأة الداهية التي سمت نفسها ميمونة وما هي إلا ملعونة.»
قال: «ولم تكن هذه المرأة مجهولة لدينا، فقد شاهدناها غير مرة فما الذي عرفته من أمرها هنا؟»
अज्ञात पृष्ठ