शर्ख बुखनिर दरविन के माध्यम पर
شرح بخنر على مذهب دارون
शैलियों
وأما ظهور العالم الحي فلنا عليه أحد ثلاثة افتراضات: إما التسليم بمذهب تعاقب الخلق، أو القول بتحول العالم العضوي تحولا تدريجيا متتابعا بفعل القوى الطبيعية، أو التسليم بالمذهب القائل بتولد جميع الأنواع حتى العليا منها رأسا تولدا ذاتيا في كل الأدوار بفعل القوى الطبيعية، فالأول يكاد لا يثبت، والأخير فاسد لانتقاضه بجميع ظواهر العالم العضوي. وواضع هذا المذهب ليل الجيولوجي الشهير، وهو يقول فيه ما نصه:
إن الاختبار يعلمنا أن كثيرا من الأحياء والأنواع الحية يضمحل على الدوام من دون أن يقفر العالم، فلا بد إذن من أن تكون قد قامت بطريقة غير معروفة من الطرق الطبيعية أنواع جديدة مقام التي اضمحلت، فالقول أن هذه الأنواع مكتشفة حديثا وهي متكونة حديثا غلط.
ولا يخفى على العارفين بالعلوم الطبيعية ما في هذا القول من الاضطراب؛ إذ لا يفهم كيف أن نوعا حيا كالأسد أو الفرس ونحوهما يوجد دفعة واحدة بدون استعداد سابق بفعل القوى الطبيعية المعروفة.
فلفصل المسألة لا يكفي أن يقال أنه تتولد أنواع جديدة، بل ينبغي أن يبين كيف يكون ذلك، بحيث يكون مطابقا لما يعلم عن القوى الطبيعية وكيفية عملها، وهذه المسألة المهمة الصعبة قد حلها كلا أو بعضا رجل من أكبر رجال هذا العصر، أعني به العالم الطبيعي الإنكليزي: (1) شرل دارون
3
ولد هذا الإمام المقدام والعالم المدقق والفيلسوف المحقق سنة 1808 في إنكلترا،
4
وقد صرف عشرين سنة من حياته في البحث فقط عن المسألة التي نحن بصددها، حتى تحقق له أن الأجسام الحية الماضية والحاضرة قد لا تشتق من أكثر من خمس أو ست صور أصلية نباتية وحيوانية. وربما كان مرجع هذه الصور إلى صور أدنى؛ أي إلى بعض كريات أصلية. فالأجسام الحية على مذهبه لا تنفك أبدا عن التحول في نشوئها الخاضع لناموس طبيعي ثابت. وكتابه يعد من أفضل الأساليب الفلسفية الطبيعية، فهو لا يعتمد فيه في تفسير الظواهر الطبيعية وما تعلق بها إلا على الامتحان والعيان، ولا يخفي الصعوبات التي تعترض مذهبه، بل بالضد من ذلك يبسطها؛ لكي يبعدها بما في الإمكان. ولقد علمنا بسببه أشياء كثيرة جديدة، أو بالحري تعلمنا أن ننظر إليها نظرا آخر. وكل ما تعرض له شديد التعلق بأهم مسائل العلوم الطبيعية، ولا سيما الفيزيولوجية؛ ولذلك فهو يهم جدا جميع الذين يهمهم المسائل العامة التي تشملها هذه العلوم.
ولم يقم بعد كتاب ليل «مبادئ الجيولوجيا» أعظم من كتاب دارون من جهة تأثيره العظيم في جميع العلوم الطبيعية، فدارون فعل في علم الحيوان ما فعل ليل في علم الجيولوجيا؛ أي أنه جرده من كل مفاجئ ومجرد، وجعله تحت حكم التحول التدريجي بفعل القوى الطبيعية.
وقبل أن ننتقل إلى البحث في مذهب دارون، لا بد من النظر إلى من تقدمه في هذا السبيل من العلماء الأفاضل. وهو نفسه يذكر في مقدمة كتابه أسماء كثيرين منهم؛ للدلالة على أن مثل هذه الأفكار كانت موجودة، ولكنها لبثت هاجعة، ولم تنتشر إما لضعف البرهان، وإما لكثرة الخصوم. وأقدمهم وأفضلهم «لامرك»، وهو ليس كما توهمه بعضهم فيلسوفا لا إلمام له بالعلوم، بل بالضد هو من أعظم الطبيعيين الفرنساويين. ولقد تولى تعليم الحيوان في بستان النبات في باريس زمانا طويلا. وأول ما درس من العلوم الميتورولوجية والطب، ثم تعلق على النبات والحيوان اللذين نبغ فيهما جدا، هذا ما عدا كتاباته الفلسفية. ولطالما هزأ به أضداده لأجل هذا المذهب الذي هو أول واضع، له حتى جاء دارون ووفاه حقه من الاعتبار.
अज्ञात पृष्ठ