शर्ख बुखनिर दरविन के माध्यम पर
شرح بخنر على مذهب دارون
शैलियों
14
وفي وسعي إيراد كثير من هذه الأمثلة التي يتضح منها أن الصفوف المختلفة لا تتصل بعضها ببعض رأسا، بل كل أصل متى انفصل من المنبت الأول ينمو نموه الخاص به، والتي يتضح منها أيضا أن بعض الأصول أصلح من بعض في قابليته للارتقاء. والأصل الفقري هو في الواقع أصلحها من هذا القبيل؛ ولذلك قد سبق باقي الصفوف جدا، ولو أنه ابتداء - كما قلت - بصور أدنى جدا من أكمل صور هذه الصفوف.
فلا نستغرب بعد ذلك إذا بلغ بعض الفروع أو الطوائف نموا أكمل من نمو بعض الطوائف المعاصرة له والأعلى منه؛ لأنه أمر واضح أن مجاميع الأجسام الحية كالأفراد لها دورة حياة معلومة، فإذا قطعتها فإما أن تقف عند النقطة التي وصلت إليها، وإما أن ترجع متقهقرة، بينما يبقى غيرها متقدما حتى يبلغ درجة أعلى منها سواء نشأ معها، أو نشأ بعدها بزمان طويل، كالشجرة التي تيبس فروعها السفلى، أو تبقى على حالة واحدة حال كون أغصانها العليا تمتد وتفرخ وتكبر يوما عن يوم. قال توطل: «إن الأغصان تبقى ما دامت قادرة أن تنمو، فإذا وقف نموها ضعفت، وتلاشت مع الزمان.»
15
فلا شبهة في أن هذا النمو في الأنواع سار سيرا صاعدا، وكل صف ابتدأ بصور بسيطة أخذت تنمو بعد ذلك شيئا فشيئا، كما يعلم من الاختبار في الماضي والحال، وإلا لو كان مذهب الارتقاء غير صحيح لحصل ضد ذلك، إن لم يكن في الكل ففي البعض.
فبهذا التعليل البسيط يفهم لماذا هذه المناقضات الكثيرة، وهذا الخروج عن القياس، وهذا التقهقر أيضا في البالنتولوجيا من غير أن يكون في ذلك داع إلى إنكار مذهب الارتقاء؛ إذ لا شبهة في أن الطوائف العليا من حيث ارتقاؤها الكلي جاءت أخيرا. وكلامنا في الكلي لا في الجزئي؛ وعليه فعالم الحيوان هو فوق عالم النبات الذي سبقه بوجه العموم، والأصل الفقري أعلى من الأصل العديم الفقر المتكون قبله. وما كان من الأصل الفقري أتم وأكمل جاء بعدما كان منه دونه، فجاءت الحشرات بعد الأسماك، وذوات الثدي والطيور بعد الحشرات، والإنسان بعد الطيور، وهكذا في كل صف من صفوف ذوات الفقر. ولا يعلم أنه حصل عكس ذلك في الطبيعة البتة. ولئن كانت نواميس الارتقاء الجيولوجي في الحيوانات العديمة الفقر غير واضحة، وكان فيها عدم انتظام في التقدم والتأخر كثيرا، إلا أن الصور الأبسط تتقدم دائما الصور الأكمل، كما يتضح جليا من «السفالوبد» الذي هو أعلى صف الحيوانات الرخوة، وإذا كانت صور الحيوانات الرخوة أكثر تنوعا في متكونات الأرض الأولى، فينبغي أن نعتبر أيضا أنه كلما كانت تلك الأصول الدنيا تنقص كانت الأصول العليا تزيد كذلك.
وقد ذكروا ضد الارتقاء أيضا أن بعض الأنواع الأولى، كليس البحر المار ذكره ذو تكوين كثير الاختلاط جدا. على أن الاختلاط ليس بنفسه علامة على الارتقاء، بل بالضد من ذلك المختلط يسبق البسيط غالبا؛ لأن الطبيعة تحاول دائما أن توزع الصفات المجتمعة في تكوين واحد أولا، وتفصل بينها على صور متميزة، وأن تسهل بهذه القسمة ارتقاء الصورة المتميزة ارتقاء عظيما. وهذا المبدأ في قسمة العمل جوهري في الطبيعة، كما في حياة الإنسان الاجتماعية والسياسية والصناعية، فكل فرد يكون أقدر على قضاء أمر كلما كان تكوينه أكثر استعدادا له، وكلما تخصصت وظائف جسم؛ أي كان لها أعضاء خصوصية كان هذا الجسم أرقى؛ فإن الحيوانات الدنيا ليس لها أعضاء خاصة، بل جسمها يقضي كل وظائفها بتبادل بسيط بينه وبين ما يحيط به. وأما الحيوانات العليا فبالضد من ذلك لها عضو خاص لكل وظيفة، فالقلب للدورة، والرئتان للتنفس، والقناة الهضمية للهضم، والكليتان لإفراز البول، والدماغ لوظائف العقل ... إلخ، وهذا ما يجعل هذه الحيوانات راقية.
16
ويجب الحذر من الوقوع في خطأ آخر أيضا، وهو أن الأصل الفقري الذي يكون الارتقاء فيه أظهر من الجميع لا يؤلف صفا بسيطا، بل يوجد فيه تحت صفوف كثيرة أيضا يرى فيها بعض المجاميع، إذ يبلغ نموه ما يفوق مجاميع أخرى مع أنها مستعدة لنمو أعلى منه جدا. وهذا صحيح، ولا سيما على مجموع لذوات الفقر العليا يهمنا جدا؛ لأن الإنسان منه، أعني به مجموع ذوات الأربع أيدي أو البريمات - كما يقول لينوس وهكسلي - فهذا المجموع الذي يوجد الإنسان في أعلاه، والذي فيه عدة صور متوسطة (مثال ذلك القرود الشبيهة بالإنسان بجانب الإنسان)، تمتد أصوله بواسطة حيواناته الدنيا، ليس إلى أعلا طبقات أصل ذوات الثدي المشيمية كما ربما يظن، بل إلى أدناها. فمع أن هذا المجموع عال جدا بنفسه فهو يتاخم صفا دنيئا أيضا. وهكسلي الذي يقسم البريمات إلى سبعة تحت صفوف أو طوائف يصف ذلك جيدا إذ يقول: «ليس في صفوف ذوات الثدي ما يتضمن فيه درجات كثيرة أكثر من صف البريمات؛ فإنه يهبط فيه على نوع غير محسوس من أعلى الخلق إلى مخلوقات لا تفصلها عن أدنى ذوات الثدي المشيمية، وأقلها إدراكا إلا خطوة واحدة.»
17
अज्ञात पृष्ठ