198

शरह उसूल खम्सा

शैलियों

فوجب أن لا يختار القبيح.

وهذه الدلالة غير الدلالة الأولى ، لأنها كانت مبنية على استحالة الحاجة عليه وهذه غير مبنية عليها ، ولذلك قلنا : إن المجسمة يمكنهم الاستدلال على كونه عدلا حكيما بهذه الطريق مع تجويزهم الحاجة عليه تعالى ، وجعلنا حال المجبرة أسوأ من حالهم ، لأنهم سدوا على أنفسهم طريقة العلم بعدل الله تعالى وحكمته.

ومما أورده مشايخنا في هذا الباب ، هو أن قالوا : لو فعل الله القبيح لكان يجب أن يكون جاهلا أو محتاجا ، والجهل أو الحاجة لا يجوزان عليه تعالى ، فيجب أن لا يختار القبيح بوجه من الوجوه.

ومما ألزمهم مشايخنا رحمهم الله ، هو أنه تعالى لو جاز أن يكون فاعلا لبعض القبائح لوجب أن يكون فاعلا لسائرها ، لأن الحال في الجميع واحدة وهذا يوجب تجويز الظلم والكذب عليه حتى لا تقع الثقة بشيء من أوامره ونواهيه ووعده ووعيده ، وحتى يجوز أن يعاقب الأنبياء بذنوب الفراعنة ويثيب الفراعنة بطاعات الأنبياء والأبرار ، لأن أكبر ما في هذه الأمور أن يكون قبيحا والقوم قد جوزوا عليه كل قبيح ، ومن جوز هذا لزم أن لا يقول بربويته ولا أن يعبده ، وفي ذلك من الفساد والكفر ما لا خفاء به.

وربما يورد هذا الإلزام على وجه آخر ، فيقال : لا يخلو حال القديم إذا جاز أن يفعل القبيح من أحد أمرين : إما أن يفعله ويقبح منه فعله ، أو يفعله ويحسن منه.

فإن قيل : بالأول لزمه ما ذكرناه من الوجوه ، وإن قيل بالثاني لزم أيضا تجويز هذه القبائح وتحسن منه ، ومن بلغ في التجاهل إلى هذا الحد فهو عن حد الإسلام خارج.

ولما ألزمهم مشايخنا تجويز الكذب على الله تعالى ، افترقوا فريقين.

** فمنهم

بأن قال : ألستم قد جوزتم على لله تعالى الظلم والقبائح ، فكيف لا يجوز عليه الكذب ، وليس الكذب بأعظم من الظلم وغيره من القبائح؟ وأوضح ذلك بمثال فقال : إن أحدنا لو قال لصبي أدخل البيت ففيه رمان موضوع لأجلك ، وليس في البيت ذلك ، فإن هذا ليس بأعظم من أن يقلع سنا من أسنانه أو يقطعه إربا إربا ، وقد جوزتم على الله هذا ، فجوزوا الكذب عليه أيضا.

पृष्ठ 214