Sharh Usul I'tiqad Ahl al-Sunnah by Al-Lalika'i - Hasan Abu Ashbal
شرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي - حسن أبو الأشبال
शैलियों
تجديد دين أمة محمد على رأس كل مائة عام وتكليف هذه الأمة بالدعوة إلى الله
إن أبا الحسن الأشعري عليه رحمة الله لما تاب من أشعريته ورجع عنها وصعد المنبر قال: إني أختلع من معتقدي كما يختلع هذا السيف من غمده وأنا على مذهب أحمد بن حنبل.
فلماذا لم يقل: على مذهب النبي ﷺ؟
الجواب
لأن مذهب أحمد بن حنبل كان أظهر المذاهب في ذلك الوقت، ومذهب أحمد بن حنبل من الألف إلى الياء مستقى من سنة النبي ﵊، فلما وقعت الفتنة العظيمة لـ أحمد بن حنبل وثبته الله فيها كتب الله له الظهور والذيوع والنصر والتأييد، فقال كل من يريد أن يظهر دينه وعقيدته: أنا مع أحمد بن حنبل ﵀ ورضي عنه، فهنا الأمة لا تجتمع على ضلالة قط في العقيدة، إذ لابد أن تكون الحجة ظاهرة لله ﷿، فخفاء حجة الله ﵎ في وقت أو في بلد من البلدان مشكلة كبيرة، وبلية عظيمة جدًا، ومصادم لجميع النصوص.
فلابد أن تعتقد أن حجة الله ﵎ ظاهرة، وما من وقت وما من مكان إلا ويسخر المولى ﷿ عبدًا من عباده لإظهار السنة وإحياء الدين ولو على رأس كل مائة عام، فهذا وعد من النبي ﵊: (إن الله ﵎ يبعث على رأس كل مائة عام من يجدد لهذه الأمة أمر دينها) فالأمة لن تستمر في الضلالة، ولن تبقى في الجهل يغيب عنها الدين ويغيب عنها العقيدة والسلوك والأخلاق ومنهج النبي ﵊.
فعلى رأس كل مائة عام يبعث الله ﵎ رجلًا يحيي هذا الدين بجميع أوصافه وأركانه وشمائله ومناقبه في قلوب العامة والخاصة، فإذا كادت الأمة تنسى بعث الله ﵎ على رأس كل مائة عام من يذكرها ومن يعيدها، بالإضافة إلى أن الله ﵎ كلف هذه الأمة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على خلاف الأمم السابقة، فكان كل نبي يبعث لقومه خاصة ولا يكلف واحدًا من أمته بالدعوة إلى دينه وشريعته، لكن ذلك واجب في حق النبي ﷺ، فإن الله ﵎ كلفنا بأن نحمل دعوة نبينا ﵊ حملًا صحيحًا، فقال الله ﷿: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾ [آل عمران:١١٠].
يعني: أنت أيضًا مخرج للناس مبعوث، ومهمتك مثل مهمة النبي ﵊، قال تعالى: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ﴾ [آل عمران:١١٠]، وليس هناك أي أمة سبقت في هذا سواء يهودية أو نصرانية، ولم يكلف واحد من أمة من الأمم السابقة بأن يدعو بدعوة نبيها، وأما نحن فإننا مكلفون جميعًا بأن ندعو الناس إلى الله ﵎، وأن نخرج الناس من ظلمات الجهل والكفر والعماية والجهالة والعصبية وغير ذلك إلى الله ﵎ إلى النور، لكن لابد أن يكون ذلك بعلم، أما بغير علم فلا فإن من دعا بغير علم كان ضرره أكثر من نفعه، وكان فساده أكثر من صلاحه، ولذلك يقول المولى ﵎ على لسان نبيه: ﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ﴾ [يوسف:١٠٨] على علم وعلى فقه وورع وعمل بما تعلمت.
6 / 11