Sharh Thalathat al-Usul by Khalid al-Muslih
شرح ثلاثة الأصول لخالد المصلح
शैलियों
معنى شهادة أن محمدًا رسول الله وواجب العبد نحوها
قوله ﵀: [وَمَعْنَى شَهَادَة أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ طَاعَتُهُ فِيمَا أَمَرَ، وَتَصْدِيقُهُ فِيمَا أَخْبَرَ، واجْتِنَابُ مَا نَهَى عَنْهُ وَزَجَرَ، وأَلا يُعْبَدَ اللهُ إِلا بما شرع] هذا هو معنى شهادة أن محمدًا رسول الله، فكل من لهج بهذه الشهادة فإنه يجب عليه أن يستحضر هذه المعاني؛ فإن ما جاء به النبي ﷺ لا يخلو من أمرين: إما خبر فالواجب فيه التصديق؛ فالأخبار تقابل بالتصديق.
وإما أمر فالواجب فيه الانقياد والتسليم.
واعلم أنه تجب طاعة النبي ﷺ فيما أمر به سواءٌ علمنا حكمة هذا الأمر أو جهلنا الحكمة، وسواء أدركته عقولنا أو لم تدركه، وهذا فيما يتعلق بالأوامر، فمن علّق العمل بالأوامر على معرفة الحكمة فإنه لم ينقد للنبي ﷺ، ولم يحقق هذه الشهادة، وحقيقة من هذه حاله إنما هو عابد لهواه؛ لأنه لا يقبل من الأوامر ولا ينتهي عن شيءٍ إلاّ ما وافق عقله ورأيه، وهذا لا يكون قد حقق العبودية لله ﷿؛ لأن العبودية التامة أن ينقاد لأمر الله ﷿، ولأمر رسوله ﷺ، أدرك عقله الحكمة أو لا، فهذا فيما يتعلق بالأحكام.
أما ما يتعلق بالأخبار فالواجب على المؤمن إذا بلغه خبر الله أو خبر رسوله ﷺ أن يؤمن بما أخبر الله به وبما أخبر به رسوله ﷺ، علم معناه أو لم يعلم، فهذا هو الواجب؛ فإن الإنسان مهما بلغ علمه فإنه قد يخفى عليه بعض ما أمر الله به ورسوله، فلا يدرك معنى ما أمر الله به ورسوله على وجه الكمال، وعلى هذا فإن الواجب على مثل هذا أن يسلِّم بما جاء عن الله وبما جاء عن رسوله ﷺ، ويقول: آمنتُ بما جاء عن الله وعن رسوله ﷺ على مراد الله ورسوله ﷺ، وهذا الإيمان المجمل يكفيه، وتبرأ ذمته به، ولا يلزمه معرفة التفاصيل إذا كان لا يستطيع معرفة التفصيل؛ لقول الله تعالى: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ [التغابن:١٦]، وهذا ما عمله سلف الأمة في معرفة كيفيات ما أخبر الله ﷾ به عن نفسه، وأخبر به عما يكون في اليوم الآخر، فإنهم آمنوا بذلك على ما جاء عن الله وعن رسوله ﷺ دون الدخول في تعيين الكيفيات أو تصويرها.
فمعنى شَهَادَة (أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ) طَاعَتُهُ فِيمَا أمر، وتصديقه فيما أخبر، فشمل الواجب في الأمر، والواجب في الخبر.
ثم قال: [واجتناب ما نهى عنه وزجر]، هذا تابع للأمر، وهو التفصيل.
وقوله: [وألا يعبد الله إلاّ بما شرع] هذا فيه بيان وجوب لزوم طريقة النبي ﷺ على وجه الإجمال.
فالواجب أن يسلِّم العبد قياده للنبي ﷺ، وليعلم أن من رغب في الفوز والنجاة يوم القيامة أنه لا يمكن أن يحصل له مقصوده، ولا أن يفلح بمطلوبه، ولا أن يأمن مما يرهب إلاّ بسلوك طريق النبي ﷺ، فإن الله ﷾ قد سد الطرق الموصلة إليه جميعها إلاّ طريقه ﷺ، فمن رام الوصول إلى رضوان الله وجنته من غير طريق النبي ﷺ فإنما يطلب ضائعًا لا يمكن تحصيله، فهو لا يجني من سعيه خيرًا، ولا يحصل مطلوبًا، ويدل لهذا أن النبي ﷺ أخبر فيما أخبر مما يكون في يوم القيامة أن الذين يعبرون الصراط إذا منّ الله عليهم بمجاوزته وأردوا دخول الجنة فإنهم لا يتمكنون من الدخول حتى يستفتح لهم النبي ﷺ، كما ورد في الحديث عَنْ أنس بن مالك قال: قال رسول الله ﷺ: (آتِي بَابَ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَسْتَفْتِحُ فَيَقُولُ الْخَازِنُ: مَنْ أَنْتَ؟ فَأَقُولُ: مُحَمَّدٌ.
فَيَقُولُ: بِكَ أُمِرْتُ لَا أَفْتَحُ لِأَحَدٍ قَبْلَكَ)، وهذا يدل على أنه لا سبيل لدخول الجنة بعد بعثة النبي ﷺ إلاّ من طريقه، فإذا كانت الجنة لا يفتح بابها إلاّ باسمه فإن دخولها لا يتحقق إلاّ لمن تبعه واقتفى منهجه وسار على هديه، وهذا دليل هذه القاعدة أننا لا نعبد الله إلاّ بما شرع، وليعلم أن كل من عبد الله بغير ما شرعه الله ﷾ أو بغير ما جاء به النبي ﷺ فقد افترى على الله، وما افتراه واخترعه لا يزيده من الله جل وعلا إلاّ بعدًا، فهذه قاعدة مطردة في كل بدعة وفي كل محدثة؛ فإن الله ﷾ قد شرع من الدين أكمله، وأتم علينا النعمة، وأسبغ علينا الفضل بكمال هذه الشريعة، فلا مجال للزيادة، قال تَعَالَى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا﴾ [المائدة:٣]، فأكمله جل وعلا في القول، وأكمله في عمل الجوارح، وأكمله في عمل القلوب، ثم إنه أكمله على وجه رضيه ﷾، فمن زاد فقد سخط ما رضيه الله جل وعلا، ولم يكتفِ بما رضيه الله ﷾ لهذه الأمة، ودلائل هذه القاعدة أكمل وأكثر من أن تحصر، والأصل في ذلك قوله تعالى: ﴿أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ﴾ [الشورى:٢١]، ومن السنة قوله ﷺ: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)، فاستمسك بهذا الصراط المبين والطريق القويم، واعلم المآل إلى جنة عرضها السموات والأرض، نسأل الله ﷿ أن يثبتنا عليه، وأن يزيدنا هدىً وتقىً فيه.
5 / 3