244

शरह तलवीह

شرح التلويح على التوضيح لمتن التنقيح في أصول الفقه

शैलियों

ثم هاهنا أبحاث: الأول أن كلام المصنف مشعر بأن معنى السوق له هاهنا ما ذكره في النص المقابل للظاهر حتى غير أن المسوق له جاز أن يكون نفس الموضوع له كما صرح به في قوله تعالى: {وأحل الله البيع وحرم الربا} [البقرة:275] أنه عبارة في اللازم المتأخر، وهو التفرقة بين البيع والربا إشارة إلى الموضوع له، وهو حل البيع، وحرمة الربا وإلى أجزائه كحل بيع الحيوان مثلا، وحرمة بيع النقدين متفاضلة، وإلى لوازمه كانتقال الملك ووجوب التسليم مثلا في البيع وحرمة الانتفاع ووجوب رد الزوائد في الربا، وفي كلام بعض الأصوليين أو معنى المسوق له هاهنا ما يكون مقصودا في الجملة سواء كان مقصودا أصليا كالعدد في آية النكاح أو غير أصلي بأن يقصد باللفظ إفادة هذا المعنى لكن لغرض إتمام معنى آخر كإباحة النكاح فيها، حتى لو انفرد عن القرينة صار مقصودا أصليا بخلاف الغير المسوق له فإنه ما يكون من لوازم المعنى كانعقاد بيع الكلب من قوله عليه السلام: "إن من السحت ثمن الكلب" صرح بذلك أبو اليسر حيث جعل حل البيع وحرمة الربا والتفرقة بينهما كلها ثابتة بعبارة النص من قوله تعالى: {وأحل الله البيع وحرم الربا} [البقرة:275]. الثاني أن الثابت بدلالة النص إذا لم يكن عين الموضوع له ولا جزأه ولا لازمه فدلالة النظم عليه، وثبوته به ممنوعة للقطع بانحصار دلالة اللفظ التي للوضع مدخل فيها في الثلاث، ولا خفاء في فيه هو الإباحة، والتمليك ملحق به لأن الإطعام جعل الغير طاعما لا جعله مالكا وألحق به التمليك دلالة ; لأن المقصود قضاء حوائجهم، وهي كثيرة فأقيم التمليك مقامها، ولا كذلك في الكسوة على أن الإباحة في الطعام تتم المقصود دون إعارة الثوب.

المتأخر، وهو التفرقة بينهما فيكون عبارة فيه، وإشارة إلى الموضوع له، وإلى أجزائه، وإلى اللوازم الأخر، وإنما قيدنا اللازم بالمتأخر؛ لأنهم سموا دلالة اللفظ على اللازم المتقدم اقتضاء، وإنما جعلوا كذلك؛ لأن دلالة الملزوم على اللازم المتأخر كالعلة على المعلول أقوى من دلالته على اللازم غير المتأخر كالمعلول على العلة فإن الأولى مطردة دون الثانية إذ لا دلالة للمعلول على العلة إلا أن يكون معلولا مساويا؛ ولأن النص المثبت للعلة مثبت للمعلول تبعا لها أما المثبت للمعلول فغير مثبت لعلته التي هي أصل بالنسبة إلى المعلول فيحسن أن يقال: إن المعلول ثابت بعبارة النص المثبت للعلة، ولا يحسن أن يقال: إن العلة ثابتة بعبارة النص المثبت للمعلول فتبين من هذه الأبحاث حدود العبارة، والإشارة، والاقتضاء، وأما حد دلالة النص فهو قوله على الحكم في شيء أي دلالة اللفظ على الحكم في شيء يوجد فيه معنى، يفهم كل من يعرف اللغة أن الحكم في المنطوق لأجل ذلك المعنى يسمى دلالة النص نحو: {فلا تقل لهما أف} [الإسراء:23] يدل على حرمة

...................................................................... ..........................

أن دلالة اللفظ على الثابت بدلالة النص من هذا القبيل، ولهذا اشترط في فهمه العلم بالوضع. الثالث أن الثابت بدلالة النص كثيرا ما يكون مبنيا على علة في معنى النظم لا يفهم كثير من الماهرين في اللغة أن الحكم في المنطوق لأجلها كوجوب الكفارة بالأكل والشرب في الصوم، والحد في اللواطة، وغير ذلك مما لا يحصى فاشتراط فهم كل واحد ممن يعرف اللغة أن الحكم لأجلها مما لا صحة له أصلا. الرابع أن الجزم بأن الدلالة اللفظية إنما اعتبرت بالنسبة إلى كل من هو عالم بالوضع حتى لو لم يفهم البعض لم تتحقق الدلالة فاسد؛ لأن الثابت بإشارة النص قد يكون غامضا بحيث لا يفهمه كثير من الأذكياء العالمين بالوضع كانفراد الأب بالإنفاق، واستغناء أجر الرضاع عن التقدير، ونحو ذلك، ولهذا خفي أقل مدة الحمل على كثير من الصحابة مع سماعهم النص، وعلمهم بالوضع، وتحقيق ذلك أن المعتبر في دلالة الالتزام عند علماء الأصول، والبيان مطلق اللزوم عقليا كان أو غيره بينا كان أو غير بين، ولهذا يجري فيها الوضوح، والخفاء، ومعنى الدلالة عندهم فهم المعنى من اللفظ إذا أطلق بالنسبة إلى العالم بالوضع، وعند المنطقيين متى أطلق، فلهذا اشترطوا اللزوم البين بالنسبة إلى الكل.

पृष्ठ 245